ذلك أبو علي الفسوي (١) ، وقال : قد أمرنا أن نقول : «اللهم أوقع بين الكفار العداوة والبغضاء» ، فلا يجوز أن يحمل على الدعاء ، فيكون في قوله : (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) نفي ما اقتضاه دعاء المسلمين عليهم ، وهذا القول من المبرد ، ومن الرادّ عليه مبني على أن الآية في الكفار على ما تقدّم من القول الثاني فيه (٢) ، ولقائل أن يقول : كما يجوز أن يدعى عليهم بإيقاع العداوة ، يجوز أن يدعى عليهم بأن يجعلهم الله حيث لا يقاتلون أعداءهم ولا قومهم ، ويكون ذلك سؤالا لموتهم (٣) ، ويدلّك على جواز ذلك أنه لو جمع بين المقاتلين لم يمتنع ، فكأن يقال : أوقع بينهم العداوة والبغضاء ، وأوهن كيدهم ، واجعلهم بحيث لا يقاتلون المسلمين ولا بعضهم بعضا ، على أن قوله (قَوْمَهُمْ) قد يعبّر به عمن ليس منهم ، بل هم من معاديهم كقولك : فلان صاحبك وهم قومك ، أي المناصبون لك.
__________________
ـ (٣ / ٣٣٠).
(١) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان الفارسي الفسوي ، قرأ النحو على الزجاج وغيره. من مؤلفاته : التذكرة في النحو ، والحجة في القراءات ، والإيضاح ، والتكملة وغيرها ، توفي سنة ٣٧٧ ه. ترجمته في الفهرست ص (٦٤) ، وسير أعلام النبلاء (١٦ / ٣٧٩) ، وبغية الوعاة (١ / ٤٩٦).
(٢) وهو قول الجمهور كما سبق بيانه.
(٣) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٣٣٠) ، عن غير ابن عطية.