ولم يبلغوا الحدّ الذي لا يخرجون في نصرة الدين إلى أهل ، وقال قتادة ـ وقد روي عن ابن عباس : ـ أن قوله : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) هو في قوم من الكفار (١) اعتزلوا المسلمين يوم فتح مكة فلم يكونوا من الكافرين ، ولا مع المسلمين ، قال : وهذا معنى (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) قال : ثم نسخ ذلك بآية القتال ، والقول الأول أظهر وأحسن (٢) ، وقوله : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) في موضع الحال عند الفرّاء ، قال : وتقديره قد حصرت صدورهم (٣) ، وتقوّى ذلك بقراءة الحسن (أو جاءوكم حصرة صدورهم) (٤) ، وقال بعضهم :
__________________
(١) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٣٢٨).
(٢) تحسين الراغب للقول الأول خلاف قول الجمهور ، قال النيسابوري : «ثم هؤلاء الجاؤون من الكفار أو من المؤمنين؟ قال الجمهور : هم من الكفار ، بنو مدلج جاؤوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم غير مقاتلين ، وعلى هذا يلزم النسخ ، لأن الكافر وإن ترك القتال جاز قتله». تفسير غرائب القرآن (٢ / ٤٦٧). وقال البقاعي : «وهم من الكفار عند الجمهور». نظم الدرر (٢ / ٢٩٥). وانظر : البحر المحيط (٣ / ٣٢٩).
(٣) انظر : معاني القرآن للكسائي ص (١١٨) ، وللفرّاء (١ / ٢٨٢) ، والدر المصون (٤ / ٦٦).
(٤) قال السمين الحلبي : «وقرأ الجمهور «حصرت» فعلا ماضيا. والحسن وقتادة ويعقوب : «حصرة» نصبا على الحال بوزن «نبقة» ، وهي تؤيد كون «حصرت» حالا». الدر المصون (٤ / ٦٧ ، ٦٨). وانظر : المحرر الوجيز (٤ / ٢٠٢) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٣٠٩) ، والبحر المحيط (٣ / ٣٣٠).