عليه ، ومن أراد لكم الكفر فمحال موالاتهم ، فلا تتخذوهم أولياء حتى يسلموا ، ويحققوا إسلامهم بالهجرة ، ثم قال : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي إن كشفوا الغطاء فقط صاروا مرتدين ، (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، ولا تكونن بينكم وبينكم وبينهم موالاة ونصر بوجه (١). إن قيل : فما فائدة قوله : (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) بعد أن قال : (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ؟) قيل : قد قال بعضهم ذلك على التوكيد ، والصحيح أن الذين دخلوا في الإسلام من الأعراب / فرقتان ، فرقة هاجروا وفرقة أقاموا ، وبيّن الله تعالى أن من أقام ولم يهاجر فلا ولاء له ، إلا أن يستنصروكم على قومهم فتنصرونهم ، وذلك في قوله : (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ)(٢) فمنع تعالى عن موالاتهم بقوله : (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) كما منع بتلك الآية ، ولم يمنعهم من نصرتهم ، ثم بيّن أنهم إن تولوا ، أي ارتدوا عما أظهروه من
__________________
(١) انظر تفسير الآية في : جامع البيان (٩ / ١٧ ، ١٨) ، والوسيط (٢ / ٩١ ، ٩٢) ، ومعالم التنزيل (٢ / ٢٦٠) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٢٠٠ ، ٢٠١) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٣٠٨) ، ومدارك التنزيل (١ / ٣٨٢) ، والبحر المحيط (٣ / ٣٢٧).
(٢) سورة الأنفال ، الآية : ٧٢.