وقال : حقّ من تولّى شيئا أن يولّي مثله وأحسن منه (١) ، ومنهم من قال : السّلام ها هنا السّلم ، وهو أصله ، قال : وهذا أمر منه أن من بذل لكم السلم من الكفار بأن يروم الدخول في الشرع ، فابذلوا له ، كقوله : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)(٢) ، قال : وأمر بأن يرد على باذلها مثلها أو أكثر منها ، قال : ومثله أن يبذل له الأمان مما خافه ، وأكثر منه أن يبين أن له ما لهم ، وعليه ما عليهم من النصرة والموالاة (٣) ، وذلك (٤) مما قد بيّنه في قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)(٥) قال : وذلك هو الذي بسطه من بعد في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا
__________________
(١) نقل القرطبي في تفسيره عن ابن خويز منداد أنه قال : «وقد يجوز أن تحمل هذه الآية على الهبة إذا كانت للثواب ، فهو بالخيار ؛ إن شاء ردّها ، وإن شاء قبلها وأثاب عليها قيمتها». الجامع لأحكام القرآن (٥ / ٢٩٨). وانظر : أحكام القرآن للجصاص (٢ / ٢١٧) ، وأنوار التنزيل (١ / ٢٢٨).
(٢) سورة الأنفال ، الآية : ٦١.
(٣) قال القرطبي : «ووجه النظم بما قبل أنه قال : إذا خرجتم للجهاد كما سبق به الأمر ، فحييتم في سفركم بتحية الإسلام ، فلا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلام لست مؤمنا ، بل ردّوا جواب السّلام ، فإن أحكام الإسلام تجري عليهم» الجامع لأحكام القرآن (٥ / ٢٩٨).
(٤) تكررت في الأصل : (وذلك).
(٥) سورة التوبة ، الآية : ٧١.