جعل (١) قولهم : السّلام تحية الملتقين؟ قيل : السّلام والسّلم واحد ، بدلالة قوله : (فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ)(٢) ولما كان الملتقيان من الأجانب قد حذر أحدهما الآخر استعملوا هذه اللفظة تنبيها من المخاطب ، أي بذلت لك ذلك وطلبته منك ، ونبه المجيب إذا قال : وعليك السّلام. على نحو ذلك ، ثم صار ذلك مستعملا في الأجانب والأقارب والأعادي والأحباب ، تنبيها أني أسأل الله ذلك لك (٣) ، وأكثر المفسرين حملوا الآية على التحية المجردة ، فقالوا معناه : من حيّاكم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها أي قابلوه بمثلها (٤) ، قالوا : وردّ ذلك أنه متى قال قائل : السّلام عليكم ، فإنه يقول : وعليكم السّلام ، أو يقول : وعليكم ، فهذا هو ردّه ، ويدلّ أنه إذا قال : وعليكم. فقد ردّ ، أن رجلا دخل على عمر فقال : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال عمر : وعليكم ، فظن الرجل أنه لم يسمع عمر ،
__________________
ـ قول الراغب في أصل التحية.
(١) تكررت في الأصل عبارة : (إن قيل : على أي وجه جعل).
(٢) سورة الذاريات ، الآية : ٢٥. قرأ حمزة والكسائي (سلم) بكسر السين وسكون اللام ، وقرأ باقي السبعة (سلام). انظر : التبصرة ص (٥٤١) ، وحجة القراءات ص (٦٧٩ ، ٦٨٠).
(٣) انظر : الزاهر (١ / ٦٣ ـ ٦٦) ، والفروق ص (٦٤).
(٤) انظر : جامع البيان (٨ / ٥٨٦) ، والبحر المحيط (٣ / ٣٢٢).