فيضارع اللفظان ، والمعنيان مختلفان ، ولما حثّ الله تعالى في الآية المتقدّمة على تكلّف ما أمر وتحريض المؤمنين ، ورجاء الظفر بالكفار ، بين ها هنا أن من أعان غيره في فعل حسن فله نصيب في ثوابه ، وإن أعانه في فعل سيّىء فله كفل منه ، وذلك عبارة عمّا بينه النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله : «من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» (١) الخبر. وقال بعضهم : القصد بذلك أن من يدعو لغيره دعاء حسنا فله فيه نصيب ، ومن فعل بخلاف ذلك فكذلك.
قال : والسبب في هذا أن اليهود والمنافقين كانوا إذا دخلوا على النبي صلىاللهعليهوسلم يقولون : السام عليكم ، يوهمون أنهم يقولون :
__________________
ـ فيهما بقوله تعالى : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) ، ثم قال الألوسي : ولا دلالة على التخصيص» روح المعاني (٢٧ / ١٩٣) ، وانظر : جامع البيان (٢٣ / ٢٠٨ ، ٢٠٩) ، والجامع لأحكام القرآن (١٧ / ٢٦٦) ، وتفسير غرائب القرآن (٦ / ٢٦٢).
(١) رواه مسلم في كتاب الزكاة ، باب «الحث على الصدقة ولو بشق تمرة» رقم (١٠١٧). والترمذي في كتاب العلم ، باب «ما جاء فيمن دعا إلى هدى فاتبع أو إلى ضلالة» رقم (٢٦٧٥) وقال : حسن صحيح. وابن ماجه في المقدمة ، باب «من سن سنة حسنة أو سيئة» رقم (٢٠٣) ، وأخرجه أحمد (٤ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩) ، والطيالسي رقم (٦٧٠) ، وابن أبي شيبة (٣ / ١٠٩) ، وابن حبان رقم (٣٣٠٨) ، والطبراني رقم (٣٧٢ ـ ٣٧٥) ، والبغوي رقم (١٦٦١) ، والبيهقي (٤ / ١٧٥).