كالحيوان الذي يقع على الإنسان والفرس والحمار ، أو من الأسماء المختلفة كالعين (١) ، ولو أن قائلا قال : الحيوان متكلم ، والحيوان غير متكلم ، وأراد بالأول الإنسان ، وبالثاني الفرس والحمار / ـ لم يكن مناقضا ، وكذا إذا قيل : العين في الوجه ، والعين ليست في الوجه ، وأراد بالأولى الجارحة ، وبالثانية عين الميزان أو السحاب ، فكذلك الآية إذا أريد بالحسنة والسيئة في الآية الثانية غير الذي أريد بهما في الآية الأولى (٢) ، وفي هذا قناعة لإبطال هزيل هذا المعترض ، ثم إذا تؤمّل مورد الكلام ، وسبب نزول الآية بان ألا تعلّق لأحد الفريقين بالآية على وجه يثلج صدرا أو يزيل شكّا ، وسبب نزول ذلك أن قوما أسلموا ذريعة إلى غنى ينالونه ، وخصب يجدونه ، وظفر يحصّلونه ، فكان إذا ناب أحدهم نائبة أو فاته محبوب ، أو ناله مكروه أضاف سيّئه إلى النبي عليه الصلاة والسّلام متطيرا به ، فقال تعالى : (تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) أي خصب وسعة (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ
__________________
(١) انظر : المفردات ص (٢٣٥).
(٢) نقل أبو حيان كلام الراغب بتمامه في البحر المحيط (٣ / ٣١٤) ، ونسبه إليه. ثم قال : «والذي اصطلح عليه الراغب بالمشتركة وبالمختلفة ليس اصطلاح الناس اليوم ، لأن المشتركة هو عندهم كالعين ، والمختلفة هي المتباينة ، والراغب جعل الحيوان من الأسماء المشتركة ، وهو موضوع للقدر المشترك ، وجعل العين من الأسماء المختلفة وهو في الاصطلاح اليوم من المشترك» اه.