ضَلالاً بَعِيداً) بعد قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) أن إرادتهم بهذا الفعل مقرونة بإرادة الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ، وأن بفعلهم ذلك يجد الشيطان إلى ضلالهم سبيلا ، وهذا تنبيه أنه لو لا اتباعهم الشهوات وإخلالهم بالعبادات لما وجد الشيطان إليهم سبيلا ، كما قال : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ)(١) الآية. والضلال البعيد هو الذي يصعب الرجوع عنه (٢) ، وهو المشار إليه بقوله تعالى : (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)(٣).
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ)(٤) الآية. الصد : كالسد : إلا أن السد بحائل محسوس ، والصد بحائل في النفس من إرادة أو كراهة ، ونحو ذلك (٥) من
__________________
ـ ومعالم التنزيل (٢ / ٢٤٢) ، وزاد المسير (٢ / ١١٨) ، والبحر المحيط (٣ / ٢٩١) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٩٢).
(١) سورة إبراهيم ، الآية : ٢٢.
(٢) قال النسفي : (ضَلالاً بَعِيداً) : مستمرا إلى الموت». مدارك التنزيل (١ / ٣٦٩).
(٣) سورة فصلت ، الآية : ٤٤.
(٤) سورة النساء ، الآية : ٦١ ، ونصّها : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً).
(٥) الصدّ : هو المنع من قصد شيء مخصوص. انظر : الفروق ص (١٢٣) ، والسّدّ : يطلق على الصدّ ، ويطلق على ما يسدّ به من الموانع. انظر : المفردات