الأمور تحت قدرة الله تعالى وإرادته المقدّسة ، وأنه إذا أراد شيئا يتحقّق ولا يقف دونها شيء ، وإن كان خلاف العادة في عالم الأسباب والمسبّبات.
ويستفاد من قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) ، ترتب الكون على الأمر من دون أن يتخلّف عن ذلك بلا احتياج إلى سبب معين.
ولكن الآية الشريفة لا تدلّ على انتفاء التدريج ، إذ أن جميع الموجودات مخلوقة بإرادته التكوينيّة ، سواء كانت من التدريجيّات أم لم تكن ، والتدرّج إنما يلاحظ بالنسبة إلى الأسباب ، وأما إذا لوحظ بالقياس إلى أمر الله فلا تدريج ولا مهلة.
وإنما عبّر سبحانه وتعالى بالفعل المضارع : (كن فيكون) ، مع أن الأمر كان في الماضي لتصوير ذلك الأمر تصوير مشاهدة وتجسيم في أذهان المخاطبين ، كأنه واقع الآن ، ولأن المضارع أظهر في التحقّق والثبوت.
وقوله تعالى : (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) يدلّ على وجه الشبه بين عيسى وآدم عليهماالسلام في أنهما خلقا على خلاف العادة ، ويحتمل أن يكون المراد به أن آدم عليهالسلام في الخلق أغرب وأعظم ، ومع ذلك لم يدع أحد الالوهيّة فيه ، يكون أقطع للخصم وأحسم للشبهة.
قوله تعالى : (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).
تأكيد لما ذكر في الآيات السابقة من قصص عيسى عليهالسلام في أنها الحقّ وليست قابلة للافتراء والتشكيك ، كما تدلّ الآية المباركة على أن الحقّ منحصر به تبارك وتعالى ، وما سوى ذلك من الباطل.
وفي الآية الشريفة إيماء إلى أن جميع ما اوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله هو الحقّ ، وهو على الحقّ أيضا كما تقدّم مكررا.
وإنما ذكر سبحانه وتعالى : (مِنْ رَبِّكَ) ، للدلالة على أن الحقّ منه دون غيره ، وإليه ينتهي كلّ شيء ، لفرض أنه المبدأ والمعاد.
وقوله تعالى : (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) يدلّ على أن ما ذكره اليهود