بحوث المقام
بحث أدبي :
اختلف الأدباء في صيغة «اللهم» ، فقيل إنّ أصله : «يا الله» ، فلما حذف حرف النداء جعلوا بدله الميم المشدّدة ، والضمة في الهاء ضمة الاسم المنادى المفرد. ولا يجتمع العوض والمعوض في الكلمة إلّا شاذا كما مرّ.
وقيل : إنّ أصله : «اللهم آمنا بخير» ، فحذف وخلط الكلمتان ، وأن الضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في (أمنا) لما حذفت انتقلت الحركة إلى ما قبلها.
والحقّ : أن الكلمة هي واردة بهذه الهيئة كسائر الكلمات من دون احتياج إلى التماس الأصل فيها ، واستعمالها مع حرف النداء ـ كما مرّ ـ شاذ لا يقاس عليه.
وقوله تعالى : (مالِكَ الْمُلْكِ) ، منصوب على أنه منادى آخر مضاف أو على أنه صفة لاسم الله تعالى.
وقوله : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) ، إما في موضع الحال من المضمر في مالك ، أو أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره : «أنت تؤتي الملك من تشاء» ، وكذلك الحال في «تنزع» و «تعز» و «تذل».
وقوله تعالى : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) ، قيل : إنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي : «أنت بيدك الخير».
والصحيح : أنه جملة مؤلّفة من خبر مقدّم ومبتدأ مؤخّر تفيد الحصر.
وقيل : إنّ في قوله تعالى إيجاز بالحذف ، أي : «بيدك الخير والشر» ، نظير قوله تعالى : (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [سورة النحل ، الآية : ٨١] ، أي والبرد.
ولكن الحذف خلاف القاعدة ، ولا نحتاج إلى التقدير مع أن الجملة وافية بالمقصود من دون تقدير ، وكأن السبب في الحذف والتقدير هو ما يرتبط بآراء المعتزلة بعدم استناد الشرور إليه تعالى ، ولكن المبنى والبناء كليهما باطل ، كما عرفت ، ويأتي له مزيد بيان إن شاء الله تعالى.