المنافق سيد ، كما في الحديث : «لا تقولوا للمنافق سيد ، فإنه إن كان سيدكم وهو منافق فحالكم دون حاله ، والله لا يرضى لكم ذلك».
وقد وصفه تعالى بهذه الصفة لأنه ساد غيره في الكمال ، وفاق الناس في الفضائل ، فهو النبيّ الكريم المحمود الصفات.
و (حصورا) عطف آخر وصفة اخرى ، والحصور هو الذي لا يأتي النساء مع القدرة عليه ، وقد يطلق على الممتنع عن غيرها أيضا ، وهو صفة كمال تدلّ على عزوفه عن مشتهيات الدنيا وزهده عنها ، لأن الممتنع عن الجماع ..
تارة : يكون لأجل آفة ونقصان فيه ، وهو غير ممدوح.
واخرى : يكون لأجل تقديم الأهمّ من المعنويات عليه ، وهو ممدوح في الجملة إذا وافقته الشريعة ، كما في زمان يحيى عليهالسلام ، وأما إذا وصلت النفس إلى مرتبة من الكمال بحيث لا يشغلها المهم عن الأهم ، فلا موضوع لهذا البحث فيه ، كما في سيد الأنبياء صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : (وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ).
صفة رابعة وخامسة تدلّان على علو مقامه وكمالاته المعنويّة ، وأن الصفات السابقة ممهدات لهاتين الصفتين ، فإنهما نهاية المقامات المعنويّة والكمالات الإنسانيّة وهي النبوّة ، وكونه من الصالحين ، وقد طلب خليل الرحمن من الله تعالى أن يجعله من الصالحين ، فقال تعالى حكاية عنه : (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [سورة الشعراء ، الآية : ٨٣].
والمراد به في الأنبياء صلاح الذات والصفات والأعمال ، ليكونوا صالحين لاقتداء الأنام بهم ، وبعبارة اخرى : الصلاح هو المرآة الأتم لأخلاق الله تعالى. وبهذه الصفات الجليلة اختار الله تعالى يحيى وجعله من الذرّية الطيبة التي طلبها زكريا منه عزوجل.
ويستفاد من مجموع ما ورد في شأن يحيى وما ورد في شأن كلمة الله عيسى بن مريم عليهماالسلام ، الشبه الكثير بينهما ، وهو ما كان يريده زكريا عند طلبه من الله