اتَّقَوْا). أي أن التقوى إنما تتحقّق بما ذكر في الآية الشريفة ، وهي الإيمان بالله ، وإظهار العبوديّة له عزوجل ، والاسترحام منه تعالى في طلب العفو والغفران ، والصبر على الطاعة وعن المعصية وفي الخطوب ، والصدق في القول والفعل ، والخضوع له عزوجل ، والإنفاق في سبيله تعالى ، وقيام الليل والتهجّد فيه بالاستغفار.
الثالث عشر : إنما قرن سبحانه الاستغفار بالإنفاق في الآية الكريمة ، للدلالة على أن شحّ النفس من أقوى موجبات الحرمان عن قربه عزوجل.
الرابع عشر : إنما أجمل تبارك وتعالى الاستغفار والدعاء في السحر للإشارة إلى كثرة أهمية هذا الوقت ، ولا بد أن لا يفوت فضله على الإنسان بالدعاء وطلب الغفران.
بحث روائي :
في الكافي : عن الصادق عليهالسلام : «ما تلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلذّة أكثر لهم من لذّة النساء ، وهو قوله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ). ثم قال : وإن أهل الجنّة ما يتلذّذون بشيء من الجنّة أشهى عندهم من النكاح ، لا طعام ولا شراب».
أقول : رواه العياشي في تفسيره أيضا. والوجه أنه تعالى لم يخلق ألذ من النساء في الجنّة ، لأنهنّ من منشآت الله تعالى مباشرة ، كما قال عزوجل : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً* فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً* عُرُباً أَتْراباً) [سورة الواقعة ، الآية : ٣٥ ـ ٣٧] ، فإنهنّ الجزء الأعظم من النظام الأتمّ كما تقدّم ، ولأنها المؤانسة بما خلق من رحمته جلّت عظمته ، هذا بحسب اللذائذ الجسمانيّة. وأما غيرها ، فله شأن آخر سيأتي في البحث الفلسفي إن شاء الله تعالى.
وفي تفسير القمّي في قوله تعالى : (وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ) قال أبو عبد الله عليهالسلام : «القناطير جلود الثيران مملوءة ذهبا».