التي أهمّها الاستقامة في الدين بالدين ، فإنها جامعة للرحمة الدنيويّة والاخرويّة.
قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ).
الآية الشريفة بمنزلة التعليل لما قبلها. والوهاب من أسماء الله الحسنى ، تكون المبالغة في نظائره باعتبار المتعلّق لا باعتبار الذات ، إذ لا معنى للمبالغة فيما لا منتهى ولا حدّ في أي جهة من جهات كماله وجلاله.
مع أن المبالغة من الجهات الكيفيّة ، وهي منفية عنه تعالى بالأدلّة العقليّة والنقلية ، قال علي عليهالسلام : «هو الذي كيّف الكيف فلا كيف له ، وأيّن الأين فلا أين له» ، وكلّ ما هو في المخلوق لا يوجد في الخالق.
قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ).
أي انك باعث الناس ومحييهم بعد فنائهم وتفرّقهم ليوم لا شكّ فيه ، وفي هذا إقرار بالبعث ليوم القيامة ، لأن ذلك قضية عقليّة جامعة حاكية لمصير استكمال الطبيعة وظهور الأعمال بصورها المناسبة في طريق الاستكمال ، وأن البعث واجب عقلي ولازم في الطبيعة ، قد قرّرته جميع الكتب السماويّة أيضا. فقولهم : لا ريب فيه ، أي لا شكّ فيه حسب الأدلّة العقليّة ، ويمتنع عدم تحقّقه وسلب وقوعه ، كما أن قولهم : «انك جامع الناس» كاشف عن فطرتهم العقليّة ، لا أن يكون أمرا شرعيا لإثبات جمعهم ، وإن كانت الآيات المباركة تثبت ذلك أيضا ، قال تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) [سورة الدخان ، الآية : ٤٠].
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ).
عدول من الضمير إلى الظاهر للتنبيه على استحالة خلف الوعد بالنسبة إليه جلّ شأنه ، لكماله تعالى وقدسيته ، وأن الميعاد عامّ لا يختصّ بقوم وطائفة ، والآية المباركة بمنزلة التعليل في تحقّق المعاد وعدم الريب فيه.
والمعنى : أنك جامع الناس وباعثهم من قبورهم للجزاء ليوم لا شكّ فيه ، كما أخبرت به في كتابك ووعدتنا به وأنك لا تخلف الميعاد.