قوله تعالى : (كَيْفَ يَشاءُ).
لفظ (كيف) يستعمل في ما فيه شبيه وما لم يكن له شبيه ، كالأبيض والأسود والصحيح والسقيم ونحوها.
و (كيف) من إحدى المقولات التسع العرضية المعروفة في الفلسفة القديمة والحديثة ، ويدخل فيه الاشتداد والتضعف لاتصافه بالحركة ، كما أن فيه الشدّة والضعف بذاتها.
وهو من ألفاظ العموم ، ولا يطلق عليه تعالى لتقوّمه بالغير كما في غيره ، وفي الحديث : «هو الذي كيّف الكيف ولا كيف له» ، وإلى ذلك تشير القاعدة التي أسّسها أئمة الدين عليهمالسلام في المعارف الربوبية : «كلّ ما يوجد في المخلوق لا يوجد في الخالق» ، وقصارى ما يمكن القول فيه عزوجل هو : إنه تعالى شيء لا كالأشياء وذات لا كالذوات ، حتّى لا يلزم التعطيل.
وإطلاق الكيف في المقام باعتبار المخاطبة مع الناس والإنسان المخلوق وأطواره في الأرحام ، لا بالنسبة إلى الملك العلّام.
ومادة (شيء) تأتي بمعنى المشيء وجوده ، فكلّ موجود شيء وبالعكس ، ولا يطلق على العدم ، وقد أثبت الفلاسفة مساوقة الوجود للشيئية ، وقال بعض أكابرهم :
ما ليس موجودا يكون ليسا |
|
قد ساوق الشيء لدينا ايسا |
ولا يطلق بهذا المعنى على الله عزوجل ، وتقدّم في الحديث : «انه شيء لا كالأشياء».
والمشيئة بالمعنى الوصفي تكون من صفات الفعل : والفرق بينها وبين الإرادة بالكلّية والجزئية ، أو الحدوث والبقاء ، فالحدوث يسمّى مشيئة ، والبقاء والإبقاء إرادة.
بيان ذلك أن كلّ فعل اختياري صادر من الفاعل المختار لا بد وأن يسبقه امور لا يمكن تخلّف واحد منها ، كما هو الثابت بالوجدان والبرهان ، وهذه الأمور