بالقادر من حيث صعب صلابتها التصرّف فيها كما يوصف منع القوي (١).
ويوصف تعالى بأنه حكيم ، بمعنى أنه عالم ، كما قال تعالى (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٢) ، وتفيد هذه اللفظة أيضا أنه فعل الأفعال المحكمة فيما لم يزل كما يقال عالم فيما لم يزل (٣). وقيل : معنى وصف الحكيم انّه لا يتخلّل أفعاله شيء من السفه ، ألا ترى انه لا يوصف بالحكمة من يفعل الحكمة تارة والسفه أخرى (٤).
ـ (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا) [البقرة : ١٣٥].
أنظر البقرة : ٧٤ من الأمالي ، ٢ : ٥٠.
ـ (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة : ١٤٣].
[نقل القاضي استدلال شيخه أبي عليّ على صحّة الإجماع بهذه الآية] قال : «الوسط هو العدل ولا يكون هذا حالهم إلّا وهم خيار ؛ لأنّ الوسط من كلّ شيء هو المعتدل منه ، وقوله تعالى : (قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) (٥) المراد بذلك خيرهم ، وعلى هذا الوجه يقال له : إنّه عليهالسلام من أوسط العرب (٦) يعني بذلك من خيرهم ، وبيّن أنّه تعالى جعلهم كذلك ليكونوا شهداء على الناس ، كما أنّه عليهالسلام شهيد عليهم ، فكما أنّه لا يكون شهيدا إلّا وقوله حقّ وحجّة ، فكذلك القول فيهم» (٧).
وهذه الآية لا تدلّ أيضا على ما يدّعونه ؛ لأنّه لا يخلو أن يكون المراد بها جميع الأمّة المصدّقة بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بعضها ، وقد علمنا أنّه لا يجوز أن يريد جميعها ؛ لأن كثيرا منها ليس بخيار ولا عدول ، ولا يجوز من الحكيم تعالى أن
__________________
(١) الذخيرة : ٥٨٠.
(٢) سورة ص ، الآية : ٢٠.
(٣) الذخيرة : ٥٨٣.
(٤) الذخيرة : ٥٩٤.
(٥) سورة القلم ، الآية : ٢٨.
(٦) «من أوسط قريش نسبا يعني خيرهم» ، كذا في المغني.
(٧) المغني ١٧ : ١٧١.