أو تقدّمت عليه لم يكن نسخا ، لأنّ اعتبار تأخّر الدليل في الناسخ واجب عند كلّ محصّل ، فمن أين لهم أنّ دليل العمل باليمين والشاهد من السنة كان متأخّرا عن نزول الآية؟ وما ينكرون أن يكون ذلك مصاحبا أو متقدما؟ (١)
[انظر أيضا الطلاق : ٢ من الانتصار : ٢٤٤ و ٣٤٦ و ٢٥٠ والنور : ٤ ، ٥ من الذريعة ، ١ : ٢٦٩ والمقدّمة الثالثة ، الأمر السادس].
ـ (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) [البقرة : ٢٨٢].
أنظر يونس : ٨٨ من التنزيه : ١٠٦ ويوسف : ٢٠ من الرسائل ، ٤ : ١٦٩.
ـ (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) [البقرة : ٢٨٦].
[إن سأل سائل] فقال : كيف يجوز أن يأمرنا على سبيل العبادة بالدّعاء بذلك ، وعندكم أنّ النسيان من فعله تعالى؟ فلا تكليف على الناسي في حال نسيانه ؛ وهذا يقتضي أحد أمرين : إمّا أن يكون النسيان من فعل العباد على ما يقوله كثير من الناس ، أو نكون متعبّدين بمسألته تعالى ما نعلم أنّه واقع حاصل ؛ لأنّ مؤاخذة الناسي مأمونة منه تعالى ، والقول في الخطأ إذ أريد به ما وقع سهوا أو من غير عمد يجري هذا المجرى.
الجواب : قلنا : قد قيل في هذه الآية : إنّ المراد بنسياننا تركنا.
قال أبو عليّ قطرب بن المستنير : معنى النسيان هاهنا الترك ؛ كما قال تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٢) فنسي أي ترك ؛ ولولا ذلك لم يكن فعله معصية ، وكقوله تعالى (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (٣) (،) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه ورحمته. وقد يقول الرجل لصاحبه : لا تنسني من عطيّتك ، أي لا تتركني منها ، وأنشد ابن عرفة (٤) :
ولم أك عند الجود للجود قاليا |
|
ولا كنت يوم الرّوع للطّعن ناسيا |
أي تاركا.
__________________
(١) الناصريات : ٤٢٧.
(٢) سورة طه ، الآية : ١١٥.
(٣) سورة التوبة ، الآية : ٦٧.
(٤) حاشية الأصل : «هو نفطويه».