وقال : (لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) (١) يعني بوسوسته وخديعته.
وقال عزوجل : (أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)) (٢) فأخبر أنّ الشيطان أضلّهم عن الحقّ.
وقال : (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) (٣) وقال تعالى : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) (٤) ولم يقل فلا تلوموني ولوموا ربّكم ، لأنّه أفسدني وأفسدكم ، وكفّرني وكفّركم.
ولو قصدنا إلى الاخبار عمّا أضافه الله تعالى إلى الشيطان من معاصي العباد لكثر ذلك وطال به الكتاب.
فصل
الفرق بين صنع الخالق والمخلوق ودلالة الكتاب
فإن قال قائل : ما الدليل على أنّ الله تعالى لم يفعل أفعال عباده ، وأنّ فعل العبد غير فعل ربّ العالمين؟
قيل له : الدليل على ذلك من كتاب الله تعالى ، ومن أخبار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن إجماع الامّة ، ومن حجج العقول :
فأمّا ما يدلّ على ذلك من كتاب الله فقوله سبحانه وتعالى : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (٥) فلما لم يكن الكفر بمتقن ولا بمحكم علمنا أنّه ليس من صنعه.
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٢٧.
(٢) سورة يس ، الآيات : ٦٠ ـ ٦٢.
(٣) سورة الإسراء ، الآية : ٥٣.
(٤) سورة إبراهيم ، الآية : ٢٢.
(٥) سورة النمل ، الآية : ٨٨.