في الشّريعة والعرف اسم للأمرين ، فالاستفهام في موضعه ، وقد أجرى قوم العشرة هذا المجرى ، وعوّلوا على قوله سبحانه : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) (١) والأجود أن يقال : أنّ أحدا لا يستحسن استفهام حكيم إذا أطلق قوله : «عندي عشرة» عن كمالها ونقصانها.
ومن قال لمن يسمعه يقول : «جاءني الأمير» : أجاءك الأمير بنفسه! ليس بمستفهم ، وإنّما هو مستكبر مستعظم ، كما تقدّم ، ولا يجوز أن يقال في غير الأمير ومن جرى مجراه ذلك إلّا على سبيل الاستفهام ، دون التّعجّب والاستكبار ، والتأمّل يكشف عن ذلك.
ووجدت بعض من يشار إليه في أصول الفقه (٢) يطعن على هذا الدليل بأنّ الاستفهام في ألفاظ العموم إنّما حسن طلبا للعلم الضّروريّ ، أو لقوّة الظنّ بالامارات.
وهذا يقتضي حسن الاستفهام في كلّ كلام ، وعن كلّ حقيقة ، لعموم هذه العلّة.
[أدلّة القائلين بالعموم والجواب عنها]
وقد تعلّق القائلون بالعموم بأشياء :
أوّلها : أنّ المستفهم لغيره بقوله : من عندك؟ يحسن أن يجاب بذكر آحاد العقلاء وجماعتهم ، ولا عاقل إلّا ويصحّ أن يكون مجيبا بذكره ، ولا يصحّ أن يجيبه بذكر البهائم ، فلولا استغراق اللفظ ، لما وجب هذا الحكم ، ولجاز في بعض الأحوال أن يكون الجواب عنها بذكر بعض العقلاء جاريا مجرى الجواب بذكر بعض البهائم. وأكّدوا هذه الطّريقة بأن قالوا : إنّما عدلوا عن الاستفهام عن
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٩٦.
(٢) هو أبو الحسين البصري ، راجع المعتمد ، ١ : ٢١٧ و ٢١٨