وقد يكون بداعي عمل السائل في مسألة شخصيّة مبتلى بها كقوله عليهالسلام في جواب السؤال عن الظهار : «إن ظاهرت فاعتق رقبة» ، فلا بدّ هاهنا من القول بكون المولى في مقام بيان تمام المراد ، ولا يكون التفكيك بين الإرادة الجدّيّة والاستعماليّة مناسبا في هذا المقام ، فلا بدّ من الالتزام بالأصل العقلائي المذكور.
والعجب ممّا ذكره الإمام قدسسره (١) في كتاب التهذيب من أنّ الأصل في الكلام كون المتكلّم في مقام بيان كلّ ما له دخل في حكمه بعد إحراز كونه في مقام بيان الحكم ، وعليه جرت سيرة العقلاء في المحاجّات. نعم ، لو شكّ أنّه في مقام بيان هذا الحكم أو حكم آخر فلا أصل هنا لإحراز كونه في مقام هذا الحكم.
ومعلوم أنّ هذا الكلام ضعيف جدّا ، فإنّ في مقابل كون المولى في مقام البيان كونه في مقام الإهمال والإجمال ؛ بمعنى كونه في مقام أصل التشريع لا في مقام بيان الأجزاء والشرائط ، ففي مثل قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) يمكن أن يتعلّق الغرض ببيان أنّ تمام المتعلّق هو نفس طبيعة البيع ، ويمكن أن يتعلّق ببيان حلّية البيع في مقابل الربا بنحو الإجمال ، ولا يكون في مقابل المقدّمة الاولى كونه في مقام حكم آخر ، ولا مورد لهذا الكلام.
واعلم أنّ الانصراف مانع من تحقّق الإطلاق بعد تماميّة مقدّمات الحكمة ، ولكن الانصراف على أنواع :
أحدها : انصراف المطلق إلى المقيّد في بادئ النظر ؛ لغلبة الاستعمال الموجبة لانس الذهن به ، ولكنّه يزول بالتأمّل ، وهذا الانصراف البدوي لا يكون مانعا من الإطلاق.
ثانيها : انصراف المطلق إليه لكونه القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، وهو
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٥٣٥.