قال صاحب الكفاية قدسسره (١) : إنّه لا يبعد أن يكون الأصل فيما إذا شكّ في كون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد هو كونه بصدد بيانه ، ثمّ استدلّ : أوّلا : بأنّ سيرة أبناء المحاورة جرت على التمسّك بالإطلاقات مع عدم علمهم بكون المتكلّم في مقام البيان إذا لم يكن هناك ما يوجب صرف وجهها إلى جهة خاصّة.
وثانيا : بأنّ هذا الأصل العقلائي أوجب تمسّك المشهور من الفقهاء بالإطلاقات مع عدم إحراز كون مطلقها في مقام البيان.
ويمكن أن يتوهّم أنّ وجه تمسّكهم بها هو ذهابهم إلى وضع المطلق للشيوع والسريان ، فلا يكون تمسّكهم بها مستندا إلى الأصل المزبور حتّى يكون شاهدا على صحّة الأصل.
ودفعه قدسسره : بأنّ هذا التوجيه بعيد ؛ لما مرّ سابقا من وضع المطلق للماهيّة المهملة التي لم يلحظ معها شيء أصلا ، فالشيوع خارج عن معناه ، ولعلّ وجه نسبة وضع المطلق للمعنى المقرون بالشياع إلى المشهور ملاحظة عدم الوجه للتمسّك بالإطلاقات بدون إحراز كون المتكلّم في مقام البيان ، وقد بيّنا أنّ الوجه فيه هو سيرة العقلاء. هذا تمام كلامه مع زيادة توضيح.
والتحقيق : أنّ هذا الكلام بالصورة الكلّيّة ليس بصحيح ، بيان ذلك : أنّ الأحكام الصادرة عن الإمام قدسسره على نوعين ؛ إذ الحكم الصادر عنه عليهالسلام قد يكون بداعي الضبط والحفظ في الكتب بعنوان الذخيرة للشيعة ، فلا بدّ هاهنا من ملاحظة المطلق والمقيّد ، وحمل المطلق على المقيّد ، ولا دليل لكون المولى في مقام بيان تمام المراد ، ولا أقلّ من الشكّ في تحقّق الأصل العقلائي هنا ، وهذا يكفي لعدم إمكان التمسّك بالإطلاق.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٨٧ ـ ٣٨٨.