«إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة» أم بصورة الاستثناء ، ولكن هذا الاحتمال لا يرتبط بمورد مقدّمات الحكمة ، فإنّ مجراها هو الشكّ في مراد المولى ، ودوران الأمر بين المطلق والمقيّد ، ومع وجود قرينة متّصلة في الكلام لا يبقى الشكّ في المراد ، فهذا الاحتمال خارج عن مجراها.
وعلى الثاني ـ يعني كون بيان القيد وإن كان بالقرينة المنفصلة مانعا عن جريان الإطلاق ـ قلنا : إنّه لا ينطبق على تعبيرات المعروف والمشهور بين الاصوليّين ، فإنّ المولى إذا قال : «اعتق رقبة» وقال أيضا بعد مدّة : «لا تعتق الرقبة الكافرة» ، يقولون في مقام الجمع بينهما : إنّ المطلق يحمل على المقيّد ، يعني المطلق الذي قد ثبت إطلاقه يحمل عليه ، لا أنّ دليل المقيّد كان كاشفا عن عدم الإطلاق للمطلق ، مع أنّ هذا الاحتمال يرجع إلى كاشفيّة القرينة المنفصلة على التقييد عن عدم ثبوت الإطلاق من أوّل الأمر ، ومعلوم أنّ القرينة المنفصلة لا توجب الإخلال في الإطلاق ، فلا يعدّ عدم القرينة على التقييد من مقدّمات الحكمة.
المقدّمة الثالثة : انتفاء القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، ومعلوم أنّه يتحقّق لكلّ مطلق مصاديق ظاهرة ومتيقّنة ، والمقدّمة الثالثة هنا لا تكون عبارة عن عدم الفرد الجليّ والمتيقّن للمطلق ، بل عبارة عن عدم الفرد المتيقّن في مقام التخاطب ؛ بأن تكون الرقبة المؤمنة مورد البحث والمقاولة بين المكلّف والمولى ، وفي هذا الحال قال المولى : «اعتق رقبة» وكان مراده عتق خصوص الرقبة المؤمنة. وهذا لا يتنافي مع كون المولى في مقام البيان ، فإنّ صدور الحكم في هذا الحال يوجب انطباقه على الرقبة المؤمنة بدون أيّ إخلال في الغرض.