هو أنّ بعد كون الإسلام بعنوان الدين الكامل والباقي والمستمرّ إلى يوم القيامة لا بدّ له من معجزة كذلك ، ولا يمكن أن تكون معجزة دائميّة سوى الكتاب ، ولذا لا يمكن لأحد من أبناء البشر الإتيان بمثل سورة صغيرة من القرآن إلى يوم القيامة.
ويستفاد من ذلك أنّ ترتيب السور والآيات القرآنيّة وتدوين كلّ آية وسورة في محلّها بواسطة الكتاب كان في عصر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمره الناشئ من الوحي الإلهي ؛ إذ لا يصحّ إطلاق الكتاب على الأوراق المنتشرة والمتفرّقة بين الناس ، وتعريفه بالكتاب يهدينا إلى الالتزام بذلك ، بخلاف ما التزم به العلّامة الطباطبائي قدسسره ، وأمّا الجمع المنسوب إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فهو جمع القرآن وما يرتبط به من التأويل والتفسير ، وشأن النزول لا جمع أصل القرآن.
فلا يكون مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) خطابا شفاهيّا ، بل يكون خطابا كتبيّا ، ولا يلزم فيه حضور المخاطبين ومجلس التخاطب وأمثال ذلك ، وهذا نظير خطاب استاذنا السيّد الإمام قدسسره بالمسلمين في وصيّته بحفظ النهضة الإسلاميّة والثورة على حكّام الجور ، ولعلّه كتبها في نصف الليل من دون حضور أيّ فرد عنده ، ولا يلزم فيه ما يشترط في الخطاب الشفاهي ، وهكذا في الخطابات القرآنيّة.
ويؤيّده تكليف الكفّار بفروع الدين ، مثل تكليفهم بالاصول وشمول الأحكام لجميع أبناء البشر ، وذكر عنوان المؤمنين في بعض الآيات يكون من باب المثال والإشارة إلى خصوصيّة بعض المكلّفين.
ويؤيّده أيضا أنّ استفادة الحكم من الآية المشتملة على أداة الخطاب والآية
__________________
(١) المائدة : ١.