فربما يقال : إنّ مسألة التداخل وعدم التداخل هنا مبتن على كون الشرط في القضيّة الشرطيّة عبارة عن الطبيعة أو الأفراد ؛ إذ يحتمل أن تكون القضيّة بمعنى أنّه : إذا تحقّق كلّ فرد من أفراد البول يجب عليك الوضوء ، فلا بدّ حينئذ من القول بعدم التداخل ؛ لاستقلال الأفراد في السببيّة.
ويحتمل أن يكون الشرط في القضيّة عبارة عن طبيعة البول وماهيّته ، والعرف قائل بأنّ الطبيعة لا تتعدّد بتعدّد الأفراد ، وحينئذ لا بدّ من القول بالتداخل.
وجوابه : أنّ الشرط إن كان عبارة عن الطبيعة فهو خارج عن محلّ النزاع ؛ إذ النزاع يجري فيما كان الفرد الثاني في مقابل الفرد الأوّل مؤثّرا في ترتّب الجزاء ، وأن تكون أفراد متعدّدة من نوع واحد نظير أفراد متعدّدة من أنواع متعدّدة ، ولو فرض الشرطيّة للطبيعة فلا فرق فيها بين فرد واحد وأفراد متعدّدة ولا أثر للفرد الثاني أصلا ، والحال أنّه خلاف الفرض ؛ إذ المفروض أن يكون كلّ فرد من أفراد البول مؤثّرا في ترتّب الجزاء.
وأمّا إن كان الشرط عبارة عن أفراد الطبيعة كما يساعده العرف فمقتضى القاعدة عدم التداخل ، فلا يصحّ القول بالتفصيل ، إلى هنا تمّت مسألة التداخل.
ولا بدّ لنا من التعرّض لبحث آخر لتكميل بحث مفهوم الشرط وتتحقّق له مقدّمة ، وهي : أنّ الاختلاف بين المفهوم والمنطوق في الإيجاب والسلب ، والمنطوق يدلّ على ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط ، والمفهوم يدلّ على انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ، ولازم ذلك أخذ جميع خصوصيّات المنطوق في المفهوم ، إن كان المنطوق : «إن جاءك زيد فأكرمه يوم الجمعة» فمفهومه «إن لم يجئك زيد فلا يجب إكرامه يوم الجمعة» ، وإن كان الشرط في القضيّة الشرطيّة