فيما نحن فيه بعد قبول أصل المغايرة وتعدّد الاشتغال يكون مقتضى الاشتغال اليقيني عدم الاكتفاء بوضوء واحد في مقام الامتثال ، فلا بدّ من تحقّق وضوءين حتّى تتحقّق البراءة اليقينيّة.
والتحقيق : أنّ هذا وإن كان توجيها لكلام الشيخ قدسسره ولكنّه لا ينطبق على نتيجة كلامه ، فإنّه استفاد من المقدّمات الثلاثة أنّ التداخل أمر مستحيل ، ونتيجة هذا التوجيه تعدّد التكليف ، وحكم قاعدة الاشتغال بتعدّد الوضوء في مقام الامتثال ، وقد مرّ في ابتداء البحث أنّ القول بالاستحالة خارج عن محلّ النزاع ، وأنّه يجري فيما كان التداخل وعدمه ثبوتا أمرا ممكنا.
مضافا إلى أنّنا استفدنا من كلام المحقّق الخراساني قدسسره أنّ الحاكم بتقديم ظهور القضيّة الشرطيّة في السببيّة المستقلّة على ظهور إطلاق متعلّق الجزاء هو العرف ، فيحكم العرف بتعدّد الاشتغال ، ولازم ذلك تغاير متعلّق التكليف ، ومع انضمام حكم قاعدة الاشتغال إليه استفدنا عدم التداخل في المسألة ، وهذا مخالف مع ظاهر كلام الشيخ قدسسره وسائر القائلين بعدم التداخل ، ولكنّه لا بدّ من الالتزام بذلك ؛ إذ لا يتحقّق طريق سوى ذلك ، فنتيجة البحث في القضيّتين الشرطيّتين عبارة عن عدم التداخل مع حذف كلمة الاستحالة التي تتحقّق في كلام الشيخ قدسسره.
والبحث الآخر في أنّه إذا تحقّقت قضيّة شرطيّة واحدة ، مثل : «إذا بلت فتوضّأ» هل يجب بحسب القاعدة الأوّلية عقيب كلّ بول وضوء مستقلّ ، فإذا بال مرّتين يجب عليه وضوءان أم لا؟ وقد مرّ عن بعض العلماء القول بالتفصيل بين أسباب متعدّدة من نوع واحد ، وأسباب متعدّدة من أنواع المختلفة ، وتمّ البحث في القسم الثاني ، ونبحث الآن في القسم الأوّل.