فتوضّأ» ، فيقتضي كلّ من القضيّتين أن يكون شرطها سببا مستقلّا لترتّب الجزاء ، ولازم حفظ استقلال كلّ من السببين الالتزام بتعدّد مطلوب المولى ، فحينئذ يحكم العقل بتكرّر صرف الوجود من الطبيعة ، وتحقّق الوضوء عقيب كلّ سبب ، ولا يعارضه حكم العقل بأنّ امتثال الطبيعة يحصل بإتيانها مرّة واحدة.
ثمّ قال : وممّا ذكرنا انقدح الفرق بين طريقنا والطريق الذي ذكره صاحب الكفاية وصاحب مصباح الفقيه ، فإنّا نقول : إنّه إذا كان المطلوب واحدا يحكم العقل بأنّ صرف الوجود لا يتكرّر ، وإذا كان المطلوب متعدّدا فلا يبقى موضوع لحكم العقل ؛ لأنّ موضوعه عبارة عن المطلوب الواحد ، فنحن نرد من طريق الورود ، ولكنّهما وردا من طريق الحكومة ، فإنّ بيانهما يرجع إلى أنّ الظهور الإطلاقي في الشرط مقدّم على ظهور إطلاقي الجزاء لكونه معلّقا على عدم البيان ، وصلاحية ظهور إطلاقي الشرط للبيان لا شبهة فيه ، فظهور القضيّة الشرطيّة في السببيّة المستقلّة حاكم على ظهور إطلاقي الجزاء. هذا تمام كلامه مع التصرّف في عباراته.
والتحقيق : أنّ ظاهر كلامهما أيضا عبارة عن الورود ، فإنّ إطلاق الجزاء يتحقّق في صورة عدم تحقّق القرينة على التقييد ، وإذا تحقّقت القرينة لا يبقى محلّ للإطلاق ، وهذا هو الورود ، ولكنّه ليس بمهمّ ، إنّما الإشكال في أصل بيانه ، فإنّ ظهور إطلاقي الشرط في القضيّتين يقتضي السببيّة المستقلّة لكلا الشرطين ، ولازم ذلك تعدّد المطلوب ، ولكن ظهور إطلاقي الجزاء يقتضي وحدة المطلوب ، فإنّ متعلّق الوجوب هو صرف الوجود من طبيعة الوضوء بدون التقييد والتعليق ، ولا يعقل أن يتعلّق به حكمان مستقلّان تأسيسيّان ،