في الجزاء؟ ومجرّد تقدّم الشرط في مقام الذكر لا يوجب تقدّمه في مقام المعارضة ، مع أنّه لا يكون كذلك دائما ؛ إذ يمكن أن يقول : «أكرم زيدا إن جاءك» وهذا نظير أن يقول أحد بتقدّم الخبر الصادر عن الباقر عليهالسلام على الخبر الصادر عن الصادق عليهالسلام في مقام المعارضة ، مع أنّه يقول بعض بعكس هذا.
نعم ، إن كان ظهور الشرط ظهورا وضعيّا فهو مقدّم على الظهور الإطلاقي ، وهكذا إن ثبت ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره في حاشية كتابه من أنّ ظهور الشرط مقدّم على ظهور الجزاء عند العرف ، وهذا يكفي في تقدّمه ؛ إذ مسألة التداخل وعدمه ليست بمسألة عقليّة ، بل مسألة لفظيّة ، والحاكم فيها هو العرف. هذا بيان واحد للمقدّمة الاولى من مقدّمات الشيخ الأنصاري قدسسره.
والبيان الآخر للمحقّق النائيني قدسسره (١) وبيانه هنا مبتن على مبناه في البحث السابق من أنّ الأحكام تتعلّق بالطبائع أو الأفراد ، وهو قائل بأنّ متعلّق الأحكام عبارة عن صرف الوجود من الماهيّة ، وهو أوّل ما يتحقّق به وجود الطبيعة ، سواء كان فردا واحدا أو أفرادا متعدّدة فيما يمكن تحقّق أفراد متعدّدة في آن واحد.
وعلى هذا المبنى يقول فيما نحن فيه : إنّ المولى حين يقول : «إذا بلت فتوضّأ» يتحقّق لهذه القضيّة الشرطيّة مدلولان : أحدهما : مدلول لفظي ، وهو تعلّق الطلب بصرف الوجود من الطبيعة ، والآخر مدلول عقلي ويتحقّق فيه قيد ، وهو أنّ المطلوب الواحد إذا امتثل مرّة لا يمكن امتثاله ثانية ؛ لعدم قابليّة صرف الوجود للتعدّد والتكرّر. هذا في المطلوب الواحد.
وأمّا إذا كان المطلوب متعدّدا ، وقال المولى عقيب الجملة السابقة : «إذا نمت
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٤٩٢ ـ ٤٩٤.