إنّما الكلام في منشأ هذا الظهور ؛ إذ المدّعي إن تمسّك بالوضع والتبادر ، بأنّ المتبادر من كلّ قضيّة شرطيّة أنّ الشرط سبب مستقلّ لتحقّق الجزاء.
وجوابه : أنّه كما مرّ بطلان هذا الكلام بالنسبة إلى العلّة المنحصرة ، كذلك لا دليل على إثبات مثل هذا الوضع والتبادر فيما نحن فيه.
على أنّا نرى في كثير من الموارد استعمال أداة الشرط في جزء السبب ، وعدم المانع بدون أيّ نوع من التجوّز والمسامحة ، فالاستعمالات العرفيّة الكثيرة نافية لهذا المدّعى ومانعة منه.
وهكذا مسألة الانصراف لا يصحّ للمدّعي أن يتمسّك به لإثبات العلّية التامّة للشرط في القضيّة.
وإن تمسّك بالإطلاق بأنّ أداة الشرط بحسب الوضع تدلّ على مطلق الارتباط بين الشرط والجزاء ، ولكن بحسب الإطلاق تنطبق على السببيّة المستقلّة.
وجوابه : أنّ تقدّم ظهور إطلاقي الشرط على ظهور إطلاقي الجزاء يحتاج إلى دليل ، ونضيف إليه : أنّ كلّ قضيّة من القضيّتين إن لوحظت في نفسها فلا منافاة بين الظهورين ولا مانع من كون النوم سببا مستقلّا لوجوب مطلق الوضوء ، فنأخذ ظهور الشرط وظهور الجزاء بالنسبة إلى إطلاق المتعلّق ، وأنّ الواجب هي طبيعة الوضوء بدون أيّ قيد.
وأمّا إذا لوحظت كلّ منهما بالنسبة إلى الاخرى فيرد الإشكال ؛ لعدم إمكان اجتماع الإطلاقين في الشرط مع الإطلاقين في الجزاء ، ولا يمكن أن يكون البول والنوم سببا مستقلّا لوجوب الوضوء ، مع أنّ الواجب هو نفس طبيعة الوضوء بدون التقييد والتعليق ، فما الدليل لتقدّم الإطلاقين في الشرط على الإطلاقين