وإذا نمت فتوضّأ» فظاهر كلّ من القضيتين يقتضي السببيّة المستقلّة ، فيكون مقتضى القضيّة الاولى أنّ البول سبب مستقلّ لوجوب الوضوء ، ومقتضى القضيّة الثانية أنّ النوم سبب مستقلّ لوجوبه ، مع أنّ متعلّق الجزاء مطلق ، فالجزاء ظاهر في إطلاق المتعلّق ، ولا يمكن اجتماع الوجوبين على ماهيّة مطلقة ، فيتحقّق التعارض بين ظهور الجزاء وظهور القضيّة الشرطيّة في السببيّة المستقلّة.
ثمّ قال : إنّ ظهور القضيّة الشرطيّة مقدّم على ظهور الجزاء.
ويتحقّق في دليل التقدّم بيانان : أحدهما مشترك بين صاحب الكفاية والمحقّق الهمداني قدسسرهما ، والآخر ما يستفاد من كلام صاحب مصباح الفقيه فقط ، والدليل المشترك أنّ ظهور الجزاء يستفاد من طريق مقدّمات الحكمة ، وإحدى المقدّمات عبارة عن عدم القرينة على التقييد ، فحينئذ نقول : إنّ ظهور القضيّة الشرطيّة في السببيّة المستقلّة قرينة على تقييد الجزاء ومانع من انعقاد إطلاقه ، ولذا يكون ظهور القضيّة مقدّما على الإطلاق.
وأمّا الدليل الذي يستفاد من ذيل كلام المحقّق الهمداني قدسسره فهو أنّ المولى إذا قال : «إذا بلت فتوضّأ» فلا إشكال في نفس هذه القضيّة بوحدتها ؛ إذ يمكن أن يكون الجزاء مطلقا مع كون البول سببا مستقلّا له ، ولكنّه في القضيّة الشرطيّة الثانية إذا قال : «إذا نمت» ، قبل بيان الجزاء يوجد ظهور للشرط في السببيّة المستقلّة ، وهذا الظهور مقدّم على بيان الجزاء وجعل الإطلاق له ، سواء كان الجزاء بصورة «يجب الوضوء» أو بصورة «فتوضّأ» ، فيكون ظهور الشرط في السببيّة المستقلّة ـ أي النوم ـ للوجوب مقدّما على ظهور الجزاء في الإطلاق ومانع من انعقاده ، ويقيّده بقيد مرّة اخرى ، هذا تمام كلامه.