وقال في تقريرات بحثه : إنّ هذا الاستدلال مبتن على ثلاثة مقدّمات ، فإن كان إحداهما قابلا للمناقشة فلا محلّ لمسألة عدم التداخل ، واجتماعها يهدينا إلى مسألة عدم التداخل ، وكان لها إجمال وتفصيل ، أمّا إجمال المقدّمة الاولى فإنّ النوم الذي يتحقّق عقيب البول لا يكون وجوده كالعدم ، بل كان له أيضا أثر.
وأمّا إجمال المقدّمة الثانية فإنّ الأثر الذي يكون النوم مؤثّرا فيه غير الأثر الذي يكون البول مؤثّرا فيه ، لا أنّ السبب الأوّل مؤثّر في حدوث وجوب الوضوء ، وكلا السببين مؤثّران في بقائه.
وأمّا إجمال المقدّمة الثالثة فهي أن يكون متعلّق الوجوب في مقام الامتثال أيضا متعدّدا ، ولا يكفي تعدّد المسبّب والوجوب ، بل لا بدّ من تعدّد الواجب حين العمل والامتثال.
ثمّ تناول الشيخ الأعظم قدسسره البحث في المقدّمة الاولى مفصّلا ، وجعل تلامذته كلّ طرف منها بعنوان دليل مستقلّ ، وكان لصاحب الكفاية قدسسره بالنسبة إلى هذه المقدّمة بيان ، والأولى منه ما ذكره المحقّق الهمداني قدسسره في كتاب مصباح الفقيه (١) ، وهو أنّه : إذا تعلّق الحكم الوجوبي من المولى بطبيعة بدون أيّ نوع من التقييد والتعليق ـ مثل «جئني بالماء» ـ ولكن قبل امتثال المكلّف في الخارج صدر عنه عين هذا الحكم ثانيا ، فلا إشكال في تأكيديّة الحكم الثاني وكفاية الامتثال مرّة واحدة ، كما يستفاده العقل والعقلاء بعد ملاحظة إطلاق المتعلّق في كلا الحكمين ، وأنّ طبيعة واحدة لا يمكن أن تكون متعلّق الحكمين المتماثلين ؛ لاستحالة اجتماع المثلين.
وأمّا إن صدر عنه الحكمان بصورة قضيّة شرطيّة ، مثل : «إذا بلت فتوضّأ
__________________
(١) مصباح الفقيه (كتاب الطهارة) : ١٢٦.