مع أنّها قضيّة شرطيّة حقيقيّة ، ولا مجازيّة في البين.
وهكذا في مثل : «إذا تحقّقت الأربعة تحقّقت الزوجيّة» ، مع أنّه استعمال حقيقي لا تتحقّق العلّية بين الشرط والجزاء.
وهكذا في مثل : «إذا جاء رئيس الجمهوريّة في بلدة قم المقدّسة فسيكون معه المحافظ» ، فاللازم في القضيّة الشرطيّة أن يكون بين الشرط والجزاء نوع من الارتباط ، ولا يعتبر فيها شيء من الخصوصيّات المذكورة سوى ذلك ، فكيف يكون الارتباط بينهما فيها بنحو العلّية المنحصرة؟!
الاحتمال الثاني : أن يكون منشؤها الانصراف ؛ بأنّ أدوات الشرط وضعت لمطلق الارتباط ، إلّا أنّ القضيّة الشرطيّة إذا اطلقت ولم تكن قرينة لتعيين نوع الارتباط عند الإطلاق ينصرف إلى أعلى مراتب الارتباط وأكمل مصاديقه ، وهو ما يعبّر عنه بالعلّة المنحصرة.
وجوابه : أنّ الانصراف ينشأ من كثرة الاستعمال ، ولا دخل للشرافة والكمال والقوّة فيه ؛ إذ معناه انس الذهن الذي يتحقّق بواسطة كثرة الاستعمال ، ولا شكّ في أنّ استعمال القضايا الشرطيّة كثير ما يكون في غير العلّة المنحصرة ، فلا يصحّ هذا الطريق أيضا ، وأضاف صاحب الكفاية قدسسره (١) إلى ذلك أنّه ليس اللزوم بين العلّة والمعلول إذا كانت منحصرة أكمل ممّا إذا لم تكن العلّة بمنحصرة ، فإنّ الانحصار لا يوجب أن يكون ذاك الربط الخاصّ الذي لا بدّ منه في تأثير العلّة في معلولها آكد وأقوى.
الاحتمال الثالث : أن يكون منشأ العلّة المنحصرة الإطلاق بمقدّمات الحكمة ؛ بأنّ المولى حين استعمال أدوات الشرط كان في مقام بيان نوع
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٠٣.