الارتباط ، وعدم بيانه مع عدم وجود القرينة في كلامه ، وعدم القدر المتيقّن في مقام التخاطب يقتضي حمل كلامه على أكمل مراتب الارتباط ـ أي العلّة المنحصرة ـ إذ لا يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة ، فيستفاد المفهوم حينئذ من الإطلاق ، كما يستفاد من إطلاق صيغة الأمر الوجوب النفسي ؛ لأنّ الوجوب الغيري يحتاج إلى مئونة زائدة ، مثل أن يقول : الوضوء واجب إذا كانت الصلاة واجبة.
وكان صاحب الكفاية قدسسره (١) حين الجواب عنه بصدد بيان الفرق بين الموردين ، بعد قبوله هذا الكلام في الواجب النفسي والغيري ، فإنّ النفسي هو الواجب على كلّ حال ، بخلاف الغيري فإنّه واجب على تقدير دون تقدير ، فيحتاج بيانه إلى مئونة التقييد بما إذا وجب الغير ، فيكون الإطلاق في الصيغة مع مقدّمات الحكمة محمولا عليه ، وهذا بخلاف اللزوم والترتّب بنحو الترتّب على العلّة المنحصرة ؛ ضرورة أنّ كلّ واحد من أنحاء اللزوم والترتّب محتاج في تعيّنه إلى القرينة مثل الآخر بلا تفاوت أصلا ، كما لا يخفى.
ولكنّ التحقيق في الجواب : أنّ هذا الكلام باطل في المقيس عليه أيضا ، فإنّ كلّ واحد من النفسيّة والغيريّة قسم من أقسام الواجب ، ولهما مقسم مشترك ، ولا يمكن أن يكون أحد القسمين عين المقسم ، بل لا بدّ من كون القسم عبارة عن المقسم مع خصوصيّة زائدة ، وإلّا لا يصحّ التقسيم ، وهكذا نقول فيما نحن فيه بأنّ بعد قبول وضع أدوات الشرط لمطلق الارتباط لا يمكن حملها على قسم خاصّ منه كالعلّة المنحصرة ، فإنّها ارتباط مع خصوصيّة زائدة لا عينه ، فهذا الطريق أيضا باطل.
__________________
(١) المصدر السابق : ٣٠٤ ـ ٣٠٥.