أُفٍ)(١) ، هو قول أف ، ويستفاد بالأولويّة مثل هذا النهي بالنسبة إلى ضربهما وشتمهما وجرحهما ، وهكذا في مفهوم المخالفة يدّعي القائل بالمفهوم انتفاء سنخ الحكم المذكور في المنطوق عند انتفاء الشرط ، فالبحث في المفهوم يرجع إلى أنّه هل يتحقّق مع انتفاء الشرط وجوب أصلا أم لا؟
الأمر الثاني : أنّه سلّمنا صحّة بيان المتقدّمين وأنّه تامّ بجميع مقدّماته وأنّ لمجيء زيد يكون تمام المدخليّة في حكم المولى ، إلّا أنّ دخالته نفيا وإثباتا يدور مدار شخص حكم المولى وما صدر عنه بهيئة «افعل» ، أو بالجملة الاسميّة ، مثل : «إن جاءك زيد فالواجب هو إكرامه» ، أو بالجملة الفعليّة ، مثل : «إن جاءك زيد يجب عليك إكرامه» ، وبعد إثبات أنّ المفهوم عبارة عن انتفاء سنخ هذا الحكم المجعول من قبل المولى يكون الدليل أجنبيّا عن المدّعى ، ويشهد على ذلك عدم التهافت والتناقض بين قول المولى : «إن جاءك زيد فأكرمه» وبين قوله في الغد : «إن سلّم عليك زيد فأكرمه» ، فإنّهما حكمان ، والدخيل في الحكم الأوّل هو المجيء ، وفي الحكم الثاني هو السلام ، فلا يمكن إثبات المفهوم بهذا الطريق.
وأمّا طريق المتأخّرين لإثبات المفهوم في القضيّة الشرطيّة فيتحقّق فيه عنوان ، حيث ذكروا لإثباته طرق مختلفة ، وهو أنّ الارتباط بين الشرط والجزاء في القضيّة الشرطيّة يكون بنحو العلّيّة المنحصرة ، ومعنى قوله : «إن جاءك زيد فأكرمه» أنّ العلّة المنحصرة لوجوب إكرام زيد هو مجيؤه ، وانتفاء المعلول عند انتفاء العلّة المنحصرة أمر لا يحتاج إلى البيان ، وهو معنى المفهوم.
وإنّما الكلام في منشأ هذه العلّة المنحصرة ومنشأ الدلالة عليها ، احتمالات :
__________________
(١) الاسراء : ٢٣.