الإرادة من التصوّر والتصديق بفائدة ، ولازم ذلك صدوره عن توجّه والتفات للإيصال إلى غرض ، والغرض هنا بعد ملاحظة غرض وضع الألفاظ ـ أي سهولة التفهيم والتفهّم ـ هو بيان المراد وإبراز ما في الضمير ، والأغراض الاحتماليّة الاخرى ـ مثل : امتحان التكلّم والقراءة ونحو ذلك ـ لا يكون قابلا للاعتناء لدى العقلاء ، فيكون غرضه صدور الحكم للمكلّف.
وإذا لاحظنا الخصوصيّات المذكورة في المولى لا يكون قابلا للالتزام لأن يكون قيد المجيء في كلامه لغوا ، مع أنّه يمكنه القول بأكرم زيدا بدون أيّ تعليق واشتراط ، ومع أنّه يمكن له ضميمة قيود اخرى إلى قيد المجيء ، فيستفاد من اكتفائه بهذا القيد أنّ له بوحدته مدخليّة في وجوب الإكرام ، ومعناه أنّ مع انتفاء المجيء ينتفي وجوب الإكرام ، ويجري هذا الكلام بعينه في القضيّة الوصفيّة ، مثل : «أكرم زيد الجائي» وسائر القضايا.
والتحقيق : أنّه لا يثبت بهذا الطريق المفهوم الذي يكون محلّ البحث بعد ملاحظة أمرين :
الأوّل : ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) في تنبيهات بحث المفاهيم ، وهو أنّا نعبّر عن المفهوم بالانتفاء عند الانتفاء ، يعني انتفاء وجوب الإكرام عند انتفاء مجيء زيد ، ومن البديهي أنّ المراد من انتفاء الوجوب في المفهوم ليس شخص الحكم المجعول من قبل المولى ، فإنّه ينتفي لا محالة بانتفاء قيد من قيود الموضوع ، ولا بحث فيه بل البحث في المفهوم يكون في انتفاء سنخ هذا الحكم ومماثله ، كما أنّا نثبت في مفهوم الموافقة مثل الحكم المذكور في المنطوق لا شخصه ، فإنّ الموضوع في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٠١.