فيكون معنى الجملة المذكورة : أنّ العلّة المنحصرة لوجوب إكرام زيد مجيئه ، ومفهومها قضيّة شرطيّة سالبة.
أمّا على مبنى القدماء فلا يرتبط المفهوم بالدلالة والمدلول حتّى يكون وصفا لأحدهما ، بل هو حكم عقليّ ، ومنشؤه الخصوصيّات الموجودة في الآمر.
وأمّا على مبنى المتأخّرين ـ سيّما على القول بالوضع ـ فالمفهوم عبارة عن المدلول الالتزامي للقضيّة المنطوقيّة ، وعلى هذا يصحّ أن يكون عنوان المفهوم صفة للمدلول أو صفة للدلالة أو صفة للدالّ ، كما أنّ عنوان المطابقة والتضمّن والالتزام أيضا يكون كذلك ، فكما أنّه يصحّ القول بأنّ لفظ الإنسان يدلّ بالمطابقة على الحيوان الناطق وهكذا دلالة الإنسان على الحيوان الناطق دلالة مطابقيّة ، وهكذا الحيوان الناطق مدلول مطابقيّ للإنسان ، كذلك في المدلول الالتزامي المفهومي يصحّ القول بأنّه : «إن لم يجئك زيد فلا يجب إكرامه» مدلول التزامي ، و «إن جاءك زيد فأكرمه» دلالته على المفهوم دلالة التزاميّة ، وهكذا «إن جاءك زيد فأكرمه» تدلّ بالالتزام على أنّه إذا لم يتحقّق مجيء زيد فلا يجب إكرامه ، فلا فرق بين المدلولات الالتزاميّة المفردة والمدلولات الالتزاميّة المفهوميّة من هذه الجهة.
الأمر الثاني : أنّ النزاع في بحث المفاهيم نزاع صغروي أو نزاع كبروي؟ وهو أنّه : هل يكون قضيّة منطوقيّة مستتبعة لقضيّة مفهوميّة أم لا؟
يستفاد من كلام صاحب الكفاية قدسسره أنّه نزاع صغروي ، ولكنّه أيضا يحتاج إلى توضيح ، بأنّ الصغرويّة على مبنى المتأخّرين لا إشكال فيه ؛ إذ النزاع عندهم يرجع إلى أنّه هل يتحقّق المدلول الالتزامي للقضيّة الشرطيّة لدلالة