فلا يصحّ الإشكال على أبي هاشم وأتباعه من هذه الجهة ، ويكون الخروج مأمورا به ومنهيّا عنه معا بعنوانين.
ولكن يرد الإشكال عليه من جهة اخرى ، وهو أنّه قد مرّ في إحدى المقدّمات المذكورة لمسألة الاجتماع حصر بعض العلماء النزاع في مورد تحقّق قيد المندوحة ، وذكرنا عدم دخالة القيد المذكور في الجهة المبحوث عنها ، ولكن لا بدّ من تحقّقه في تطبيق مسألة اجتماع الأمر والنهي في الخارج ، مثل سائر الشرائط المعتبرة للتكليف.
وعلى هذا يرد عليه : أنّ الخروج لا يمكن أن يكون المأمور به والمنهيّ عنه معا ؛ لعدم تحقّق قيد المندوحة له بعد الورود بسوء الاختيار ؛ إذ لا طريق سوى الخروج ، وهذا فارق بينه وبين الصلاة في الدار المغصوبة.
وبالنتيجة : لا يمكن الالتزام بما قال به أبو هاشم وأتباعه مع رفع اليد عن المباني الثلاثة المذكورة أيضا ، فيكون الخروج مأمورا به ولكن يجري عليه حكم المعصية وأثر النهي بدون تعلّق النهي الفعلي به ، وهو ما اختاره صاحب الفصول ظاهرا.
والبحث الآخر أنّه تتحقّق قاعدة فلسفيّة مسلّمة ، وهي : أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
قال المحقّق النائيني قدسسره (١) : إنّه بناء على كون المقام من صغريات تلك القاعدة فالحقّ ما عليه المحقّق الخراساني قدسسره من أنّه ليس بمأمور به شرعا ، ولا منهيّا عنه مع كونه يعاقب عليه.
وأمّا بناء على عدم كون المقام من صغريات تلك القاعدة فالحقّ ما اختاره
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٤٤٧ ـ ٤٥١.