وقال صاحب الكفاية في مقام إنكار دخول الأجزاء في هذا البحث بأنّ الواجب بالوجوب الغيري ما كان بالحمل الشائع مقدّمة ـ أي المصداق ـ لأنّه المتوقّف عليه لا عنوان المقدّمة ، أي ما يتوقّف عليه الواجب. نعم ، يكون هذا العنوان علّة لترشّح الوجوب على المعنون يعني المصداق (١).
فكأنّه يقول بالفرق بين الحيثيّة التقييديّة والحيثيّة التعليليّة ، وأنّ للقيد دخالة في المتعلّق ، ولكنّ العلّة واسطة لحمل الحكم على ذيها ، وتبعه في هذا الكلام آخرون.
مع أنّه ليس بصحيح بنظر العقل والعقلاء ، ولا تسامح في حكم العقل ، وهو يقول في مقام تعليل وجوب نصب السلّم : لأنّه مقدّمة الكون على السطح ، فيكون متعلّق الوجوب الشرعي الغيري عنوان مقدّمة الكون على السطح ، ونسبة الوجوب الغيري إلى نصب السلّم بما أنّه يتّحد مع المقدّمية مسامحة.
ويستفاد من هنا أنّ الوضوء بعنوانه لا يكون واجبا ، بل يكون مستحبّا بهذا العنوان ؛ إذ الوجوب الغيري يتعلّق بعنوان ما يتوقّف عليه الواجب ، والوضوء من مصاديقه ، فللعقل حكم واحد ، وهو أنّ ما تتوقّف عليه الصلاة واجب ، ويشمل هذا الحكم الكلّي لجميع المقدّمات وإن كانت عشرة ، فيكون محطّ الحكم في الحيثيّة التعليليّة كالحيثيّة التقييديّة عبارة عن نفس العلّة ، ولا فرق بينهما أصلا.
وبالنتيجة : يتحقّق هاهنا أيضا عنوانان : أحدهما : عنوان التصرّف في مال الغير وهو متعلّق النهي ، وثانيهما : عنوان ما يتوقّف عليه ترك التصرّف فيه وهو متعلّق الأمر ، وقد انطبق العنوانان في الخروج عن الدار المغصوبة ،
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٤١.