للتخلّص عن الحرام لا يوجب المعذوريّة ؛ إذ الاضطرار بسوء الاختيار لا يكون عذرا لا عقلا ولا شرعا ، بل حرمة الدخول والخروج تكون بعنوان التصرّف في مال الغير لا بعنوانهما ، ولا يتحقّق عذر فيما نحن فيه ، فبعد أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه العام وبالعكس ، وأنّ مقدّمة الواجب ليست بواجبة ، ولا تتحقّق الملازمة بين وجوب المقدّمة ، ووجوب ذي المقدّمة ، وأنّه لا يتحقّق الانحلال في الخطابات العامّة ، فيستفاد أنّ الخروج بعنوان التصرّف في مال الغير يكون منهيّا عنه بالنهي الفعلي المنجّز فقط.
وأمّا مع رفع اليد عن المباني الثلاثة المذكورة فهل يكون الخروج عن الدار المغصوبة كالصلاة فيه مأمورا به ومنهيّا عنه معا أم لا؟
قال صاحب الكفاية قدسسره (١) : إنّه لو قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي في الصلاة في الدار المغصوبة مع ذلك يكون الخروج عنها خارجا عن عنوان هذه المسألة ، فإنّ من المسلّم بين القائل بالجواز والقائل بالامتناع تحقّق عنوانين فيها : أحدهما : عنوان الصلاة وهو متعلّق الأمر ، وثانيهما : عنوان الغصب وهو متعلّق النهي ، والاختلاف في سراية الأمر والنهي عن متعلّقهما إلى متعلّق آخر وعدمه.
ولا يتحقّق في الخروج عن الدار المغصوبة عنوانان ، فإنّه بعنوانه يكون مأمورا به ومنهيّا عنه معا ، وهو نظير «صلّ» و «لا تصلّ» ، لا شكّ في امتناعه ، إلّا أنّ علّة الامتناع عند القائل بالتضادّ بين الأحكام عبارة عن اجتماع الضدّين ، وعند منكره عبارة عن عدم قدرة المكلّف على الامتثال ، فلا يصحّ المقايسة بين المثالين ، فإنّ الصلاة في الدار المغصوبة تكون من مصاديق مسألة
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٦٣ ـ ٢٧٢.