الموجودة في الخارج ، والمعدوم بلحاظ أفراده الممكنة التحقّق والمعدومة فيه. وقد مرّ أيضا أنّ البعث أو الزجر لا يمكن أن يتعلّق بغير الماهيّة ؛ إذ لا يعقل تعلّقه بهذا الموجود ، فإنّ معناه تحقّق الصلاة في الخارج أوّلا ثمّ تعلّق البعث بها ، وهكذا في الزجر ، فتكون ماهيّة الصلاة مبعوث إليها وماهيّة الغصب مزجور عنها ، ولا يتحقّق التضاد في هذه المرحلة.
إن قلت : إن لم يتحقّق التضاد والتناقض في مرحلة الماهيّات فلا مانع من وقوع ماهيّة واحدة متعلّقا للبعث والزجر معا ، كقولنا : «صلّ» و «لا تصلّ».
قلت : لا شكّ في استحالة تعلّق البعث والزجر معا بماهيّة واحدة ، مثل : «صلّ» و «لا تصلّ» ، ولكن علّتها لا تكون عبارة عن التضاد ، بل تكون علّتها عدم مقدوريّة هذا التكليف للمكلّف في مقام الامتثال ، مثل أن يقول المولى : «اجمع بين الضدّين» ، فعدم إمكان تعلّق الأمر والنهي بطبيعة واحدة في آن واحد لا يكون كاشفا عن تحقّق التضاد بينهما.
الدليل الثاني : قد مرّ أنّه لا فرق في مسألة التضاد وعدم إمكان عروض السواد والبياض على معروض واحد في آن واحد أن يكون من جهة شخص واحد أو من جهة أشخاص متعدّدين ، وأمّا في البعث والزجر فيمكن أن تكون طبيعة واحدة في آن واحد من جهة أحد الموالي مبعوثا إليها ومن الجهة الاخرى مزجورا عنها ، مثل : أن يقول أحدهم لابنه : «اشرب اللبن» والآخر يقول لابنه : «لا تشرب اللبن» ، فلا يتحقّق التضاد بين البعث والزجر أصلا.
الدليل الثالث : أنّ التضاد يرتبط بالامور الواقعيّة والحقائق والتكوينيّات ، ولا محلّ له في الامور الاعتباريّة ؛ إذ مرّ في تعريف أهل المعقول : أنّ المتضادّين ماهيّتان نوعيّتان ، ومن المعلوم أنّ الماهيّة لا تتحقّق في الامور الاعتباريّة ،