المتزاحمين كالصلاة مكان الإزالة.
إن قلت : إنّ بين المسألتين فرقا ؛ إذ يكون المقام من صغريات باب التعارض ، ومع ترجيح جانب النهي ينشأ الأمر بالصلاة في غير الدار المغصوبة ، والتقييد هنا كسائر التقييدات ، ولكنّ النهي عن الغصب مطلق لا تقييد فيه ، فالصلاة في الدار المغصوبة ليست بمأمور بها.
قلت : إنّ التقييد يتحقّق بين الحكمين المتزاحمين أيضا ، فإنّ المولى المحيط بالأوضاع والشرائط يعلم بتزاحم الصلاة مع الإزالة أحيانا ، ويقتضي الأمر بالإزالة عدم كون الصلاة مأمورا بها في حال الإزالة ، ولازم ذلك تقييد إطلاق (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بعدم وقوعها مكان الإزالة ، فيكون معناه : أقيموا الصلاة التي لم تكن مزاحمة مع الإزالة ، ففي كلتا المسألتين لا بدّ من الالتزام بالتقييد.
ويمكن أن يقال دفاعا عن المحقّق النائيني قدسسره : بأنّ التقييد في كلتيهما لا يكون قابلا للإنكار ، إلّا أنّه يتحقّق بين التقييدين فرق ، وذلك بأنّ التقييد بين الملاكين يرتبط بأصل جعل الحكم وإنشائه ، فإنشاء وجوب الصلاة مقيّد بعدم وقوعها في الدار المغصوبة بلحاظ تحقّق التزاحم في مرحلة الاقتضاء وغلبة ملاك النهي على ملاك الأمر في هذه المرحلة ، وإنشاء حرمة الغصب مطلق بلحاظ ترجيح ملاك النهي ، وأمّا في التزاحم بين الحكمين فيكون الإنشاء في كليهما مطلقا ، والتقييد يرتبط بمرحلة فعليّة إقامة الصلاة.
قلت : سلّمنا تحقّق الفرق المذكور بينهما ، ولكنّه لا يمكن أن يكون فارقا في محلّ البحث ، فإنّ دليل صحّة الصلاة مكان الإزالة هل يدل على تحقّق الملاك أو تحقّق الحكم الإنشائي الغير الفعلي؟ لا شكّ في أنّ دليل الصحّة عبارة عن تحقّق الملاك ، ولا أثر لوجود حكم إنشائي غير فعلي وعدمه ، وملاك الأمر