الأمر بالأهمّ ، وتكون الصلاة مأمورا بها حقيقة ، ووقعت إطاعة لأمرها ، فلا وجه لبطلانها.
وأمّا تزاحم المناطين فإنّما يكون في مقام الجعل والإنشاء حيث يتزاحم المقتضيان في نفس الآمر وإرادته ، ويقع الكسر والانكسار بينهما في ذلك المقام ، ويرى تحقّق الملاكين للصلاة في الدار المغصوبة ، وينشأ حكما على طبق ملاك النهي فقط بلحاظ أقوائيّته ، فيكون حكمها أنّها منهيّ عنها.
ولازم القول بالامتناع وترجيح النهي تقييد إطلاق (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بعدم وقوعها في الدار المغصوبة ، وبقاء «لا تغصب» على إطلاقه ، وأثر هذا النوع من التزاحم أنّ المكلّف إن كان جاهلا قاصرا بحرمة الغصب يكون جهله مانعا عن تنجّز النهي وترتّب استحقاق العقوبة على مخالفته ، فلا وجه لصحّة الصلاة بعد انكسار مناط أمرها ومغلوبيّته في مرحلة الجعل ، ولا يستلزم عدم تنجّز النهي تحقّق مناط الأمر في محلّه ، بل الأولى تسمية تزاحم الحكمين بالتعارض لدخالة مناط واحد في جعل الحكم ، وهو مناط النهي.
وأشكل عليه استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) بأنّه ليس معنى غالبيّة ملاك النهي وراجحيّته ومغلوبيّة ملاك الأمر ومرجوحيّته انعدام ملاك الأمر وحذفه عن عالم الواقع ، بل يكون ملاك الأمر أيضا تامّا ، ولكن لم ينشأ الحكم على طبقه لأجل المانع ، وهو أتمّيّة ملاك النهي ، وإذا فرض كفاية تحقّق الملاك لصحّة العبادة وعدم تنجّز النهي بلحاظ الجهل فلا مانع من صحّة الصلاة في الدار المغصوبة ، ورجوع هذه المسألة إلى التعارض ليس بصحيح ؛ إذ لا يتحقّق في التعارض أزيد من ملاك واحد ، فلا فرق بين ما نحن فيه وبين الضدّين
__________________
(١) تهذيب الأصول ١ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩.