يكون من المحرّمات أو لم يكن له طريق إلى السؤال وكشف الواقع بعد التوهّم ـ ويعبّر عنه بالجاهل القاصر ـ فهذه الصورة تكون محلّ البحث والنزاع من حيث صحّة الصلاة وبطلانها.
قال صاحب الكفاية قدسسره (١) إنّه : «لا يتصوّر وجها لبطلان صلاته ؛ لكونه جاهلا بالحرمة ، وكان في جهله معذورا».
وكلامه قدسسره يكون في بادئ النظر صحيحا ، ولكنّه يحتاج إلى الدقّة والتحليل ؛ إذ المفروض هاهنا القول بالامتناع وترجيح النهي على الأمر ، فلا تكون الصلاة في الدار المغصوبة مأمورا بها أصلا ، وحينئذ إن قلنا : بأنّ صحّة الصلاة تحتاج إلى الأمر وبدونه تكون باطلة فلا بحث في البين ، ولا إشكال في بطلان الصلاة ، فإنّها ليست إلّا منهيّا عنها ، وجهله لا يوجب تغيير الحكم إلّا أنّه مانع عن تنجّز التكليف وترتّب استحقاق العقوبة على مخالفة النهي ؛ لأنّه جاهل قاصر.
ويمكن أن يقول صاحب الكفاية قدسسره : بأنّ صحّة العبادة لا تحتاج إلى الأمر الفعلي ، بل يكفي في صحّتها تحقّق مناط الأمر ، كما قال في مسألة الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن الضدّ أم لا ، بأنّ الصلاة مكان الإزالة صحيحة على القول بعدم الاقتضاء ؛ لتحقّق مناط الأمر فيها ، فيمكن أن يقول هاهنا أيضا كذلك ، لا سيّما بعد قوله في المقدّمة الثامنة والتاسعة : إنّه لا يكاد يكون من باب الاجتماع إلّا إذا كان في كلّ واحد من متعلّقي الإيجاب والتحريم مناط حكمه مطلقا حتّى في مورد التصادق والاجتماع ، كما أنّ الصلاة في الدار المغصوبة تكون مشتملة على المصلحة اللازمة الاستيفاء ، والمفسدة اللازمة الترك معا ، فعلى هذا يكون دليل صحّة صلاة الجاهل القاصر تحقّق مناط الأمر.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧.