التعبير بالأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ، إلّا أنّه لكون الدلالة عليهما غالبا بهما كما هو أوضح من أن يخفى ، فإذا استفيد الإيجاب والتحريم من مثل : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) ، و (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، أو من الإجماع ، أو من دليل عقلي ، فيجري النزاع أيضا بلا إشكال.
وذهاب البعض إلى الجواز عقلا ، والامتناع عرفا ليس بمعنى دلالة اللفظ عليه عرفا ، بل بدعوى أنّ الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنان ، وأنّه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين ، وإلّا فلا يكون معنى محصّل للامتناع العرفي ، غاية الأمر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع عقلا ، فتدبّر.
الأمر الخامس الذي ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) : عبارة عن تعميم النزاع وجريانه في جميع أقسام الإيجاب والتحريم ؛ إذ الحرمة كالوجوب قد تكون نفسيّة وقد تكون غيريّة ، إلّا أنّ دائرة الحرمة الغيريّة محدودة ؛ إذ يمكن بعد تحقّق عشر مقدّمات الحرام إرادة الإنسان ترك الحرام ، فلا تتّصف المقدّمات بالحرمة الغيريّة ، بخلاف الوجوب الغيري ، فإنّ مقدّمات الواجب تتّصف بها من الابتداء ، وهكذا.
كما أنّ الوجوب قد يكون تعيينيّا وقد يكون تخييريّا ، كذلك الحرمة قد تكون تعيينيّة وقد تكون تخييريّة ، مثل : أن ينهى المولى عبده عن مجالسة زيد ومجالسة بكر تخييرا ، وتتحقّق الحرمة بمجالستهما معا.
وكما أنّ الوجوب قد يكون عينيّا وقد يكون كفائيّا كذلك الحرمة قد تكون عينيّة وقد تكون كفائيّة ، وهي وإن لم يوجد لها مثال في الشريعة ولكنّها أيضا
__________________
(١) المصدر السابق : ٢٣٨.