قابلة للتصوّر ، وقد فرض لها المشكيني قدسسره (١) مثالا بقوله : نعم ، يتحقّق في الضدّ الخاصّ للواجب الكفائي إذا قلنا باقتضاء الأمر بالشيء للنهي عنه ، ولم يكن لهما ثالث ، وعلى فرض تحقّقها في الشريعة يجري النزاع فيها أيضا. فإنّ ملاك النزاع في جواز الاجتماع والامتناع يعمّ جميع أقسام الإيجاب والتحريم ؛ إذ لو كان هناك شيء واحد وله عنوان واحد لم يكن قابلا لاجتماع حكمين من الأحكام المذكورة ، وإذا تعدّد العنوان هل ترتفع غائلة الاستحالة أم لا؟
ومثّل المحقّق الخراساني قدسسره (٢) للواجب التخييري والحرمة التخييريّة بأنّه : إذا أمر بالصلاة والصوم تخييرا بينهما ، وكذلك إذا نهى عن التصرّف في الدار ومجالسة الأغيار ، فصلّى فيها وجالسهم ، كان حال الصلاة فيها حالها ، كما إذا أمر بها تعيينا ونهى عن التصرّف فيها ، كذلك في جريان النزاع في الجواز والامتناع ومجيء أدلّة الطرفين وما وقع من النقض والإبرام في البين.
وما يقال في مقام الفرق بين الواجب النفسي والواجب الغيري وغيرهما من عدم مطلوبيّة الواجب الغيري ، وعدم استحقاق العقوبة والمثوبة في مقابل مخالفته وموافقته لا يوجب الفرق فيما نحن فيه.
الأمر السادس الذي تعرّضه صاحب الكفاية قدسسره (٣) بعنوان المقدّمة : أنّ بعض الاصوليّين أخذ في محلّ النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال ، بمعنى أنّ النزاع يختصّ بصورة قدرة المكلّف على موافقة الأمر والنهي معا ؛ بأن يتمكّن من فعل الصلاة ـ مثلا ـ في غير المكان المغصوب ، وإتيانها بسوء اختياره فيه ، وإلّا
__________________
(١) هامش كفاية الاصول ١ : ٢٣٨.
(٢) كفاية الاصول ١ : ٢٣٨.
(٣) المصدر السابق.