بين وجوب المقدّمة ووجوب ذي المقدّمة أم لا؟ فتكون المسألة اصوليّة ، وإن كان عنوان البحث : أنّه هل تكون مقدّمة الواجب واجبة أم لا؟ فتكون المسألة فقهيّة ، ولذا لا تصحّ أن تكون المسألة مسألة فقهيّة مع حفظ العنوان ، فإنّا لا نقول : إنّ الصلاة في الدار المغصوبة هل هي واجبة فقط أو محرّمة فقط ، أم واجبة ومحرّمة معا ، بل نقول : إنّ اجتماع الأمر والنهي في واحد ممتنع أم لا ، فلا نبحث عن فعل المكلّف حتّى تكون المسألة فقهيّة.
وهكذا لا يمكن أن تكون المسألة مسألة كلاميّة حتّى مع تغيير عنوان البحث ، فإنّ ضابطتها عبارة عن البحث في أحوال المبدأ والمعاد ، فلا بدّ من تغيير عنوان البحث بأنّه هل يحسن صدور الأمر والنهي عن الحكيم على الإطلاق وتعلّقهما بالعنوانين المتصادقين أم لا؟ لأنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي مسألة عقليّة نظير بحث مقدّمة الواجب ، ولا يكون موضوع البحث في المباحث العقليّة عبارة عن الأمر أو النهي الصادر عن ذات الباري ، بل هي مباحث عامّة عرفيّة وغير منحصرة به ، ولذا لا نلاحظ في البحث إضافة صدور الأمر والنهي إلى الباري وغيره ، كما لا يخفى.
وهكذا لا يصحّ أن تكون المسألة من المبادئ التصديقيّة ، والقائل به المحقّق النائيني قدسسره على ما نقل في تقريراته (١) ، وهي عبارة عمّا يقع بعنوان الصغرى للمسألة الاصوليّة ، بأنّ مسألة التعارض والتزاحم ، والآثار المترتّبة عليها تكون من مسائل علم الاصول ، ونحن نبحث في المقام بأنّه هل يتحقّق في مورد اجتماع الأمر والنهي موضوع للتزاحم والتعارض أم لا؟ فتكون مسألة الاجتماع نزاعا صغرويا لموضوع مسألة التعارض والتزاحم ، فتكون من
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤.