صحّحه في الذيل.
ثمّ تعرّض للفرق بين المثالين المذكورين وأنّه لا يتحقّق الجامع الجنسي والنوعي بين السجود لله والسجود للصنم ، ويشتركان في اللفظ والعنوان فقط.
وفيه : أوّلا : أنّ نفس هذا العنوان يهدينا إلى أنّ هذا النزاع يجري فيما لو لم يكن الاجتماع لم تكن مشكلة في البين ، وإنّما يحصل الإشكال من جهة الاجتماع ، ولذا تكون مسألة الأمر بالضدّين وهكذا النهي عنهما خارجة عن محلّ النزاع ؛ لامتناعه قبل الاجتماع ، وقد عرفت أنّ متعلّق الأوامر والنواهي عبارة عن الطبائع والماهيّات لا الأفراد والمصاديق ، فإنّ قبل تحقّق الفرد لا يتحقّق الموضوع ، وبعد تحقّقه يحصل الغرض ، ومعلوم أنّ العوارض الفرديّة لا تكون قابلة للتفكيك عن وجود الطبيعة.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ الواحد الشخصي لا يعقل أن يكون داخلا في محلّ النزاع ، فإنّ تعلّق الأمر بوحدته فيه مستحيل فضلا عن اجتماع الأمر والنهي فيه ، فلا محالة يكون المراد من الواحد في عنوان البحث الواحد الجنسي والنوعي.
وثانيا : أنّا نرى استعمال كلمة «السجود» في السجود لله ، وفي السجود لغير الله ، كقوله تعالى : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ)(١) ، ويتحقّق هنا في بادئ النظر ثلاثة احتمالات :
الأوّل : أن تكون كلمة «السجود» موضوعة للجامع بينهما بصورة المشترك المعنوي ، وهذا الجامع إمّا يكون جنسا للنوعين وإمّا نوعا لهما ، فتتحقّق بينهما وحدة جنسيّة أو نوعيّة ، ولا يتصوّر المشترك المعنوي بدونهما.
__________________
(١) فصّلت : ٣٧.