المتعلّق بذات الفعل.
ولكنّه إن سلّمنا جواز أخذ قصد القربة في المتعلّق يرد عليه : أوّلا : أنّ الأوامر الضمنيّة الغيريّة المتعلّقة بالغسلتين والمسحتين لا شبهة في عباديّتها على المبنى ، وأمّا الأمر الضمني المتعلّق بقصد القربة فلا يمكن أن يكون عباديّا ، فإنّ إتيان قصد القربة بداعي قصد القربة أمر غير معقول ؛ إذ هو داعويّة شيء لنفسه ، وهو كما ترى ، فيكون الأمر الضمني المتعلّق به أمرا توصّليّا ، ولازم ذلك أن يتحقّق في الشريعة أمر كان بعض أجزائه عباديّا وبعضه الآخر توصّليّا ، ولم نسمع بهذا من آبائنا الأوّلين ؛ إذ الأوامر إمّا عباديّة وإمّا توصّليّة ، وما سمعنا بالأمر المشترك بينهما بلحاظ متعلّقه.
وثانيا : أنّ الأمر الغيري لا يصلح لأن تتحقّق به عباديّة متعلّقه ، فإنّ إطاعته لا توجب استحقاق المثوبة ، وموافقته لا توجب استحقاق العقوبة ، ولا يتحقّق بإطاعته التقرّب إلى الله تعالى ، فكيف يمكن أن يكون مصحّحا لعباديّة شيء مع أنّ العبادة تكون مقرّبا إلى المولى؟!
وطريق آخر لحلّ الإشكال للمحقّق النائيني قدسسره (١) وهو أيضا قائل بانبساط الأمر وتبعّضه وتعدّد أبعاضه بلحاظ تعدّد أبعاض المأمور به ، ولكنّه يعتقد بانبساطه على الشرائط كالأجزاء ، وقال : إنّ الوضوء يكتسب العباديّة من ناحية الأمر النفسي المتوجّه إلى الصلاة بما لها من الأجزاء والشرائط ، بداهة أنّ نسبة الوضوء إلى الصلاة كنسبة الفاتحة إليها من الجهة التي نحن فيها ، حيث إنّ الوضوء قد اكتسب حصّة من الأمر بالصلاة لمكان قيديّته لها ، كاكتساب الفاتحة حصّتها من الأمر الصلاتي لمكان جزئيّتها ، فكما أنّ الفاتحة اكتسبت
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٢٢٨.