يقينا ، ولم يعلم حالة الإناء الآخر ، ووقعت نجاسة في أحدهما لا بعينه ، فان أحدهما يكون موردا لاستصحاب الطهارة ، والآخر لقاعدتها ، ولا يجريان معا للزوم المخالفة القطعية ، ولا يجري الأصل المحرز وحده لعدم إثباته اللوازم العقلية. وأما تقدم الأصل المحرز على غير المحرز فانما هو فيما لو اجتمعا في مورد واحد لا في موردين ، كما فيما نحن فيه. هذا فيما لو كان المعلوم بالإجمال حكما إلزاميا وكان الأصل الجاري في الأطراف نافيا له.
واما لو انعكس الأمر ، بان كان المعلوم بالإجمال ترخيصيا ، وكان مفاد الأصل حكما إلزاميا ، فان كان الأصل المثبت للتكليف في الأطراف من الأصل غير المحرز كالاشتغال ، فلا إشكال في إجرائه في جميع الأطراف ، كما لو علمنا إجمالا بجواز النّظر إلى إحدى المرأتين نسبا أو مصاهرة ، فانّ الطرفين بما انهما موردان لقاعدة الاشتغال فلا مانع من الرجوع إليها في كل منهما ، إذ ليس في ذلك مخالفة قطعية للتكليف ، والأصل من جهة عدم كونه محرزا لا ينافي العلم بجواز النّظر إلى إحداهما في الواقع ، إذ لا منافاة بين أن يكون الشيء مباحا واقعا وبين الحكم بلزوم الإتيان به فعلا أو تركا ظاهرا. واما إذا كان الأصل الجاري في جميع الأطراف من الأصل المحرز كالاستصحاب ، ففي جريانه فيها مع العلم الإجمالي بمخالفته للواقع في بعض الأطراف خلاف ، فذهب الشيخ وتبعه المحقق النائيني إلى عدم الجريان ، وذهب صاحب الكفاية إلى جريانه ، وتفصيل ذلك ، وبيان الصحيح من القولين موكول إلى محله.
إذا عرفت هذا فنقول : في محل الكلام لنا علم إجمالي بوجود أحكام إلزامية وأحكام ترخيصية في ضمن الروايات المعتبرة عندنا ، فبالقياس إلى موارد الأمارات المشتملة على أحكام إلزامية لا مجال للرجوع إلى الأصول العملية مطلقا بجميع اقسامها. واما في موارد الأمارات المتكفلة لأحكام ترخيصية ، فعلى القول