المبحث الأوّل :
أدلة البراءة
قد استدل على البراءة بوجوه :
الاستدلال على البراءة بالآيات :
الأول : الآيات ، وهي كثيرة.
منها : قوله تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(١) فان بعث الرسول بحسب الارتكاز والفهم العرفي كناية عن إيصال الحجة والبيان ، إذ لا أثر لذلك إذا تجرد عن البيان وإعلام العباد بوظائفهم ، وعلى هذا فالمراد من الآية نفي التعذيب والعقاب على مخالفة التكليف ما لم يصل.
وقد أورد على هذا الاستدلال بأن المراد من العذاب في الآية هو الدنيوي ، فالمستفاد منها عدم إنزال العذاب على الأمم السالفة إلّا بعد إتمام الحجة عليهم ، فهي أجنبية عن الدلالة على نفي العقاب من دون بيان.
وفيه : مضافا : إلى انه لو سلم ذلك أمكن استكشاف نفي العذاب الأخروي عند عدم تمامية البيان بالأولوية ، فان العذاب الدنيوي أهون من العذاب الأخروي ، أن جملة ما كانا أو ما كان وما شابهها من هذه المادة ظاهرة في أن الفعل غير لائق بالفاعل ، ولا يناسبه صدوره منه ، وذلك يظهر من استقراء موارد استعمالها ، كقوله
__________________
(١) الإسراء : ١٥.