والمحكي له ، فرب شخص لا يرى الملازمة أصلا ، وأخر لا يستكشف رأي الحجة إلّا من اتفاق العلماء في جميع الأعصار ، وثالث يحصل له اليقين من اتفاق أهل عصر واحد ، أو من اتفاق جملة منهم ، وقد شاهدنا بعض الأعاظم يدعى القطع بالحكم من اتفاق الشيخ الأنصاري والسيد الشيرازي والميرزا محمد تقي الشيرازي نور الله ضريحهم ، لاعتقاده بشدة ورعهم ، ودقة فكرهم.
الجهة الثالثة : في كشف الإجماع عن دليل معتبر عند المجمعين بحيث لو وصل إلينا لكان معتبرا عندنا. وهذا أيضا من مدارك حجية الإجماع ، وتحقيق ذلك : انه لو كان في البين أصل أو قاعدة أو إطلاق يحتمل اعتماد المجمعين عليه فليس له تلك الكاشفية ، إذ لعل استنادهم كان إلى ذلك. وان لم يوجد ما يحتمل كونه مدركا لفتواهم ، فلا محالة يكشف اتفاقهم عن وجود دليل معتبر عندهم لو وصل إلينا لاعتمدنا عليه ، اما وجود أصل الدليل ، فلأنّ عدالتهم قاضية بعدم إقدامهم على الفتوى من غير مستند صحيح ، واما اعتباره عندنا فللاطمئنان بفهمهم وفضلهم. نعم في بعض الإجماعات المنقولة من قدماء الأصحاب نحتمل أن يكون اعتمادهم على أصل أو قاعدة ، ولم يذكروها في كتبهم لأن دأبهم لم يكن على ذكر الاستدلال ، وبعد ما حدث بيان الاستدلال وضبطه في الكتب في زمن الشيخ الطوسي رحمهالله أخذوا بإجماعاتهم ، واتبعوهم في موارد الإجماعات ، فصارت المسألة إجماعية.
فالإنصاف ان الإجماع غير معتبر ، ولكن مع ذلك لا تصح مخالفته إلّا مع الفحص التام.