المبحث السادس :
حجية مطلق الظن
وقد استدل عليه بوجوه أربعة ، كلها عقلية.
الأول : ما في الكفاية (١) وحاصله : ان الظن بالتكليف يستلزم الظن بالضرر في مخالفته ، وقد استقل العقل بلزوم دفع الضرر المظنون ، سواء قلنا بالحسن والقبح العقليين أم لم نقل ، فان التحرز عن الضرر المظنون بل المحتمل جبلي كل عاقل ، بل فطر عليه كل ذي شعور.
وقد أجيب عنه بأجوبة. والصحيح منها : منع الصغرى في جملة من الموارد ، والكبرى في موارد أخر. فانّ الضرر ان أريد به الضرر الأخروي فالصغرى ممنوعة ، وان كانت الكبرى مسلمة ، إذ لا ملازمة بين ثبوت التكليف الواقعي واستحقاق العقوبة على مخالفته ليكون الظن بأحدهما مستلزما للظن بالآخر ، وإلّا لكان احتمال ثبوت التكليف مستلزما لاحتمال الضرر ، ودفع الضرر المحتمل أيضا لازم عقلا ، فالكبرى أوسع دائرة مما ذكره المستدل ، ولذلك وجب الاحتياط في الشبهة البدوية قبل الفحص ، وفي أطراف العلم الإجمالي ، فلو وجب رعاية التكليف المظنون وجب رعاية التكاليف المحتملة أيضا ، فلا وجه لتخصيصه بالمظنونات.
لا يقال : ان الضرر المحتمل ، أعني احتمال العقاب عند احتمال التكليف مدفوع
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ظ ١٠٧ ـ ١٠٨.